responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : جامع السعادات المؤلف : النراقي، المولى محمد مهدي    الجزء : 3  صفحة : 158

للتشفی و الانتقام، فلا جرم لذتها فی الغلبة و الانتقام، و غریزة الشهوة لما خلقت لتحصیل الغذاء الذی به القوام، فلا جرم لذتها فی نیل الغذاء، و کذلک لذة السمع و البصر و الشم فی الاستماع و الابصار و الاستشمام، و غریزة العقل المسماة بالبصیرة الباطنیة خلقت لتعلم بها حقائق الأشیاء کلها، فلذتها فی العلم و المعرفة، و العلم لکونه منتهی الکمال و أخص صفات الربوبیة، یکون أقوی اللذات و الابتهاجات، و لذلک یرتاح الطبع إذا أثنی علیه بالذکاء و غزارة العلم، لأنه یستشعر عند سماع الثناء کمال ذاته و جمال علمه، فیعجب بنفسه، و یلتذ به.
و التحقیق: ان الإدراک و النیل الذی هو الکمال لیس إلا العلم، و سائر الادراکات- اعنی نیل الغلبة و الغذاء و الاسماع و الابصار و الاستشمام- لا تعد کمالات. ثم لیست لذة کل حلو واحدة، فان لذة العلم بالحراثة و الخیاطة و الحیاکة لیست کلذة العلم بسیاسة الملک و تدبیر أمور الخلق، و لا لذة العلم بالنحو و الشعر و التواریخ کلذة العلم باللّه و بصفاته و ملائکته و ملکوت السماوات و الأرض، بل لذة العلم بقدر شرف العلم، و شرف العلم بقدر شرف المعلوم، فان کان فی المعلومات ما هو الأشرف و الأجل و الأعظم و الأکمل، فالعلم به ألذ العلوم و اشرفها و اکملها و اطیبها، و لیت شعری هل فی الوجود شی‌ء أعلی و أجمل و أشرف و اکمل من خالق الأشیاء کلها و قیومها، و مکملها و مربیها، و مبدئها و معیدها، و مدبرها و مرتبها؟! و هل یتصور أن یکون أحد فی الملک و الکمال و العظمة و الجلال و القدرة و الجمال و الکبریاء و البهاء أعظم ممن ذاته فی صفات الکمال و نعوت الجلال فوق التمام، و قدرته و عظمته و ملکه و علمه غیر متناهیة؟ فان کنت لا تشک فی ذلک، فینبغی الا تشک فی أن لذة المعرفة به أقوی من سائر اللذات لمن له البصیرة الباطنة و غریزة
اسم الکتاب : جامع السعادات المؤلف : النراقي، المولى محمد مهدي    الجزء : 3  صفحة : 158
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست