responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : جامع السعادات المؤلف : النراقي، المولى محمد مهدي    الجزء : 3  صفحة : 160

قلب، کما لا تثبت لذة الابصار عند الأعمی، و لذة الاستماع عند الأصم، و لذة الوقاع عند العنین، و لذة الرئاسة عند الصبی و المعتوه، و لیت شعری من لا یفهم إلا حب المحسوسات کیف یؤمر بلذة النظر إلی وجه اللّه- تعالی- و لیس له شبه و شکل و صورة؟ فحقیقة الحال کما قیل: «من ذاق عرف»، فمن ذاق اللذتین یترک لذة الرئاسة قطعا، و یستحقر أهلها لکونها مشوبة بالکدورات و مقطوعة بالموت، و یختار لذة المعرفة باللّه، و مطالعة صفاته و افعاله، و نظام مملکته من أعلی علیین إلی اسفل السافلین، فانها خالیة عن الانقطاع و المکدرات، متسعة للمتواردین علیها، لا تضیق بکثرتهم دائما، و عرضها من حیث التفهیم و التمثیل أعظم من السماوات و الأرض، و من حیث الواقع و نفس الامر فلا نهایة لعرضها، فلا یزال العارف بمطالعتها و مشاهدتها فی جنة غیر متناهیة الأطراف و الاقطار، یرتع فی ریاضها، و یکرع [1] فی حیاضها، و یقطع من اثمارها، و هو آمن من انقطاعها، إذ ثمارها غیر مقطوعة و لا ممنوعة، بل هی أبدیة سرمدیة لا یقطعها الموت، إذ الموت لا یهدم النفس الناطقة التی هی محل المعرفة، و إنما یقطع شواغلها و عوائقها و یخلیها من جنسها، فاذن جمیع أقطار ملکوت السماوات و الأرض، بل أقطار عالم الربوبیة التی هی غیر متناهیة، میدان للعارفین، یتبوءون منها حیث یشاؤن، من غیر حاجة إلی حرکة اجسامهم، و من غیر ان یضیق بعضهم علی بعض أصلا، إلا انهم یتفاوتون فی سعة میادینهم بحسب تفاوتهم فی اتساع الأنظار و سعة المعارف:
و لِکُّلٍ دَرَجاتٌ ممّا عَمِلوا [2].
(1) کرع- من باب نفع-: هو الشرب بفیه من موضعه.
(2) الانعام، الآیة: 132، الاحقاف، الآیة: 19.
اسم الکتاب : جامع السعادات المؤلف : النراقي، المولى محمد مهدي    الجزء : 3  صفحة : 160
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست