انبعاث النفس و میلها و توجهها إلی ما فیه غرضها و مطلبها حالا او مآلا. و
الموافق لغرض النفس إن کان خیرا لها و سعادة فی الدنیا او الدین، فالغفلة
عنه و عدم انبعاث النفس إلی تحصیله رذیلة، و النقصان و النیة له و القصد
إلیه فضیلة و کمال، و إن کان شرا و شقاوة، فالغفلة عنه و کف النفس منه
فضیلة و النیة له و إرادته رذیلة. ثم باعث النفس علی النیة او الغفلة و
الکف، إن کان من القوة الشهویة کانت النیة او الغفلة متعلقة بها فضیلة او
رذیلة، و إن کان من قوة الغضب کانت النیة او الغفلة متعلقة بهذه القوة
کذلک. فالنیة و العزم علی التزویج متعلقة بالقوة الشهویة، و علی دفع کافر
یؤذی المسلمین متعلقة بقوة الغضب، و النیة فی العبادات مع انضمام التقرب
إلیها تسمی اخلاصا، ثم المتبادر من الموافق المغرض و المطلوب لما کان ما هو
کذلک عند العقلاء و أرباب البصیرة، فیکون المراد منه ما هو مرغوب و مطلوب
فی نفس الأمر و ما تحصیله خیر و سعادة، و بهذا الاعتبار تکون الغفلة
باطلاقها مذمومة و النیة ممدوحة، فلو ذمت الغفلة باطلاقها و مدحت النیة
کذلک، کان بهذا الاعتبار. و الآیات و الأخبار الواردة فی ذم الغفلة خارجة
بهذا الاعتبار کما وصف اللّه الغافلین و قال: إِنْ هُمْ إِلاّ کَالأنْعامِ بَلْ هُمْ أضَلُّ سَبیلا [1]. و قال: أُولئِکَ هُمُ الغافِلونَ [2]. [تنبیه]:
الغفلة بالمعنی المذکور أعم من ان یکون فتور النفس و خمودها عن الانبعاث
إلی ما یراه موافقا للغرض مع الجهل بالموافق و الملائم، او مع العلم به و
مع النسیان عنه، او مع التذکر له، و ربما خص فی عرف(1) الفرقان، الآیة: 44. (2) الأعراف، الآیة: 178.