اسم الکتاب : تفسیر القرآن الکریم المؤلف : الملا صدرا الجزء : 0 صفحة : 17
و أهل الهوى:
[17] «و أني لقد صادفت أصدافا علمية في بحر الحكمة
الزاهرة مدعمة بدعائم البراهين الباهرة ... و كنت برهة من الزمان أجيل رأيي و
أردّد قداحي، و أؤامر نفسي، و أنازع سري، حدبا على أهل الطلب، و من له في تحقيق
الحق أرب، في أن أشقّ تلك الأصداف السمينة، و استخرج منها دررها الثمينة ... و
أصنّف كتابا جامعا لشتات ما وجدته في كتب الأقدمين، مشتملا على خلاصة أقوال
المشّاءين، و نقاوة أذواق أهل الإشراق من الحكماء الرواقيين، مع زوائد لم توجد في
كتب أهل الفنّ من حكماء الأعصار ... و لكن العوائق كانت تمنع من المراد ...
فأقعدني الأيام عن القيام، و حجبني الدهر عن الاتصال إلى المرام، لما رأيت من
معادات الدهر بتربية الجهلة و الأرذال ... و قد ابتلينا بجماعة غاربي الفهم تعمش
عيونهم عن أنوار الحكمة و أسرارها، تكلّ بصائرهم كأبصار الخفافيش عن أضواء المعرفة
و آثارها، يرون التعمق في الأمور الربانية و التدبر في الآيات السبحانية بدعة، و
مخالفة أوضاع جماهير- الخلق من الهمج الرعاع ضلالة و خدعة ... و كل من كان في بحر
الجهل و الحمق أولج و عن ضياء المعقول و المنقول أخرج، كان إلى أوج- القبول و
الإقبال أوصل و عند أرباب الزمان أعلم و أفضل».
ب: و لما لم ينل مناه فيما استحصل في الفترة الاولى من عمره، و نال
من الجهلة و الأرذال ما نال، استعزل عن الناس و استخلص لعبادة ربه المتعال، و
اشتغل بالرياضيات و المجاهدات الشرعية ساكنا في بعض قرى قم. يقول- ره-: [18]