اسم الکتاب : تفسیر القرآن الکریم المؤلف : الملا صدرا الجزء : 0 صفحة : 18
كل عمر ضاع في غير الحبيب
لم يكن فيه سوى الحسرة نصيب
أيها الساقي أدر كأسا بنا
ينجبر ما فات من أوقاتنا»
[19] «فلما رأيت الحال على
هذا المنوال من خلّو الديار عمّن يعرف قدر الأسرار و علوم الأحرار، و أنه قد اندرس
العلم و أسراره، و انطمس الحق و أنواره ... ضربت عن أبناء الزمان صفحا، و طويت
عنهم كشحا فألجأني خمود الفطنة و جمود الطبيعة لمعاداة الزمان و عدم مساعدة
الدوران، إلى أن انزويت في بعض نواحي الديار، و استترت بالخمول و الانكسار. منقطع
الآمال، منكسر البال، متوفرا على فرض أؤدّيه و تفريط في جنب اللّه أسعى في تلافيه.
لا على درس ألقيه أو تأليف أتصرّف فيه. إذ التصرف في العلوم و الصناعات، و إفادة
المباحث، و دفع المعضلات و تبيين المقاصد و رفع المشكلات مما يحتاج إلى تصفية
الفكر، و تهذيب الخيال عما يوجب الملال و الاختلال ... فتوجّهت توجها غريزيا نحو
مسبّب الأسباب، و تضرّعت تضرّعا جبليّا إلى مسهّل الأمور الصعاب.
فلما بقيت على هذا الحال من الاستتار و الانزواء، و الخمول و
الاعتزال زمانا مديدا، و أمدا بعيدا، اشتعلت نفسي بطول المجاهدات اشتعالا نوريا، و
التهب قلبي لكثرة الرياضات التهابا قويّا. ففاضت عليها أنوار الملكوت، و حلت بها
خبابا الجبروت، و لحقتها الاضواء الأحديّة، و تداركتها الألطاف الإلهية. فاطلعت
على أسرار لم أكن أطلع عليها إلى الآن، و انكشفت لي رموز لم تكن منكشفة هدا
الانكشاف من البرهان.
بل كل ما علمته من قبل بالبرهان عاينته مع زوائد بالشهود و العيان
...» [20] «و ظنّي أن هذه المزيّة إنما حصلت لهذا العبد
المرحوم من الامّة