ذلك ردا على من يزعم انه ابن اللّه بحسب الولادةوَجِيهاً أي ذا جاهفِي الدُّنْيا مستجاب الدعوة مختارا
للرسالة قدوة للمؤمنين متبوعا للصالحين مظهرا للمعجزات و الكرامات
وَ الْآخِرَةِ وَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ 44 وَ يُكَلِّمُ
النَّاسَ
بالأمور الإلهية و ما ينفعهم حال كونهفِي الْمَهْدِ و جملة يكلم حالية معطوفة
على «وجيها»
كجملة و من المقربين، و من كلامه في المهد ما ذكر من أول الآية
الحادية و الثلاثين الى آخر الرابعة و الثلاثين من سورة مريم المكيةوَ يكلم الناس بالأمور
الإلهية و تبليغ الرسالة حال كونهكَهْلًا و في ذلك بشرى لمريم بأنه
(ع) يبلغ زمان الكهولة و اشارة الى انه لا يبقى بين الناس الى زمان الشيخوخة. و
المعروف انه (ع) أرسل الى الناس و هو ابن ثلاثين و رفع الى السماء بعد ثلاث سنينوَ مِنَ
الصَّالِحِينَ 45 قالَتْ رَبِّ أَنَّى و من أينيَكُونُ لِي
وَلَدٌ وَ
الحال انيلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ لعلّ مرجع سؤالها الى ان
ولادتها هل تكون على جاري العادة بالتزويج. و من هو زوجها الذي تلد منه لأن
الولادة على غير العادة أمر غريب عجيبقالَ كَذلِكِ
اللَّهُ
أي اللّه كذلك يرزقك على خلاف العادة المقدرة و إن لم يمسسك بشر
فإنهيَخْلُقُ ما يَشاءُ كيف شاء انهإِذا قَضى
أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ قد مضى الكلام في هذا في
الآية الحادية عشرة بعد المائة من سورة البقرة 46وَ يُعَلِّمُهُ
الْكِتابَ
الواو عاطفة و جملة يعلمه للحال معطوفة في نسق الأحوال على وجيها. و
المراد بالكتاب اما مصدر كتب أي الكتابة بيده و اما كتاب غير التوراة و الإنجيل او
نوع الكتب و ذكرت التوراة و الإنجيل لأهميتهما من باب عطف الخاص على العاموَ الْحِكْمَةَ
وَ التَّوْراةَ و هي في الأصل اسم للكتاب الذي أنزل على موسى (ع) و هو في العبرانية
اسم للشريعة. نعم جرى الاصطلاح أخيرا على ان كتب اليهود التي تسمى بالعهد القديم
تسمى بالتوراة. و الظاهر انه اصطلاح لا اعتداد به في هذا المقاموَ
الْإِنْجِيلَ و هو الكتاب الواحد الذي أنزل عليه (ع). و يقال ان معناه في
اليونانية القديمة «التعليم»وَ حال كونهرَسُولًا من اللّهإِلى بَنِي
إِسْرائِيلَ
باعتبار ابتدائه بهم في