responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 5  صفحة : 342

على أهل الأدب وقدموه على غيره. قال ابن منظور قال محمد بن صالح بن بيهس الكلابي لما دخلت العراق صرت إلى مدينة السلام فسالت عمن بها من الشعراء المحسنين فقيل لي غلب عليهم فتى من أهل البصرة يقال له الحسن بن هانئ ويعرف بأبي نواس فسالت فتى من أهل الأدب هل تروي لأبي نواسكم هذا شيئا قال أروي له أبياتا في الزهد وليس هو من طريقته وهي: أخي ما بال قلبك ليس ينقى الأبيات الآتية فقلت له أحسن والله قال أفلا أنشدك أحسن من هذا قلت بلى فأنشدني في رثاء محمد الأمين طوى الموت ما بيني وبين محمد الأبيات الآتية فقلت بحق ما غلب هذا على أهل الأدب وقدموه على غيره انتهى. هذا ما وقفنا عليه من أقوال العلماء والأدباء في حقه وفي وصف شعره وناهيك بهذه الأقوال من دلالة على قدر من قيلت في حقه ومكانته من الفضل فهؤلاء أئمة الأدب في ارقى عصور الأدب وفحول الشعراء منهم من قدمه على جميع الشعراء المحدثين كابن السكيت وأبي عبيدة والمبرد وابن المنجم وابن نوبخت وابن عائشة. ومنهم من جعله أشعر الناس كالعتابي والجاحظ وأبي العتاهية وأبي تمام والبحتري وابن الاعرابي والأصفهاني جامع ديوانه وأبي المنذر. ومنهم من استثنى بشارا كابن الرومي وشاركهم في ذلك من الفقهاء والمحدثين سفيان بن عيينة وسفيان الثوري ومن الملوك المأمون وأشار إلى موافقتهم في ذلك بشار وأبو حاتم السجستاني وابن خالويه وابن الجراح والعباس بن الأحنف والنظام وأبو الحسن الطوسي وهارون المنجم وأحمد بن يوسف الكاتب والسيد والرضي وإبراهيم بن العباس الصولي وغيرهم. ومنهم من جعله أحد ثلاثة هم أشعر الناس في وصف الخمر كأبي عمرو الشيباني فهل يبقى بعد هذا مجال في تقديمه على الشعراء.
ما قاله عن نفسه حكى جامع ديوانه عنه أنه قال: شعري أشبه شئ بشعر جرير قال وحكي عن محمد بن داود بن الجراح في كتاب الورقة عن اليزيدي عبد الله بن محمد عن أخيه سمعت أبا نواس يقول: سفلت عن طبقة من كان قبلي وعلوت على طبقة من جاء بعدي فانا نسيج وحدي انتهى وقال ابن منظور: كان أبو نواس يقول عن نفسه سفلت عن طبقة من تقدمني من الشعراء وعلوت عن طبقة من معي ومن يجئ بعدي فانا نسيج وحدي.
اختياره أحسن الألفاظ وأبدع المعاني مر قول النظام كان هذا الفتى جمع له الكلام فاختار أحسنه وقول أبي حاتم كانت المعاني مدفونة حتى اثارها أبو نواس. وقال ابن منظور قال بعضهم كان المعاني حبست عليه فاخذ منها حاجته وفرق الباقي على الناس. قال وقال المكي ما زالت المعاني مكنوزة في الأرض حتى جاء أبو نواس فاستخرجها.
اتباعه طرائق جديدة في الشعر اتبع أبو نواس طرائق جديدة في الشعر ولم يتقيد بطريقة الجاهليين والعرب الأقدمين بل ولا بطريقة المحدثين فجاء في شعره بأمور كثيرة تخالف طريقة القدماء أو هم والمحدثين ومخالفة طريقة المتقدمين وان لم ينفرد بها أبو نواس بل شاركه فيها غيره ممن تقدم عليه من المحدثين الا انه هو قد توسع في ذلك كثيرا واتى بما لم يشاركه فيه من سبقه واتبعه عليه من لحقه وربما قصر عنه وذلك من وجوه: أولا انه أكثر في شعره من ذم طريقة الشعراء القدماء والمحدثين في وصف الفيافي والقفار والرمال وبكاء الديار والاطلال ونعت الركاب والنياق والوحش والغزلان ومخاطبة الرفاق والخلان وكان ذلك الذم منه تطرفا وتملحا فهو لاشتهاره بوصف الخمر يدعي انها أحق بالوصف من الفيافي والقفار والركائب والوحش وأولى بالبكاء من المنازل والاطلال وقد يمشي قليلا على طريقتهم في ذلك فمن شعره الذي دعا فيه إلى ترك تلك الطريقة واتباع طريقة وصف الصهباء قوله:
لتلك أبكي ولا أبكي لمنزلة * كانت تحل بها هند وأسماء حاشا لدرة ان تبنى الخيام لها * وان تروح عليها الإبل والشاء وقوله:
سقيا لغير العلياء فالسند * وغير اطلال مي بالجرد كأنه يشير إلى قول القائل:
يا دار مية بالعلياء فالسند ويا صبيب السحاب ان كنت قد جد * ت اللوى مرة فلا تعد لا تسقين بلدة إذا عدت * البلدان كانت زيادة الكبد ان اتحرز من الغراب بها * يكن مفري منه إلى الصرد بحيث لا تجلب الرياح إلى * أذنيك الا تصايح النقد أحسن عندي من انكبابك بالفهر * ملحا به على الوتد وقوف ريحانة على أذن * وسير كأس إلى فم بيد يسقيكها من بني العباد رشا * منتسب عيده إلى الاحد اشرب من كفه الشمول ومن * فيه رضايا تجري على برد فذاك خير من البكاء على الربع * وانمى في الروح والجسد وقوله من ابيات:
لا تبك ليلى ولا تطرب إلى هند * واشرب على الورد من حمراء كالورد وقوله من ابيات:
لا تبك رسما بجانبي السند * ولا تجد بالدموع للجرد ولا تعرج على معطلة * ولا اثاف خلت ولا وتد ومل إلى مجلس على شرف * بالكرخ بين الحديق معتمد ممهد صففت نمارقه * في ظل كرم معرش خضد قد لحفتك الغصون أردية * فيومك الغض بالنعيم ندي ثم اصطبح من أميرة حجبت * عن كل عين بالصون والرصد محجوبة في مقيل حوبتها * تسعين عاما محسوبة العدد لم تعرف الشمس انها خلقت * ولا اختلاف الحرور والصرد وقوله:
يا واصف البيد والقفار ويا * ناعت أسرابها ومكاها وواصف الربع والرياض وما * أشرف من نيتها وبهاها أحسن من ذاك نبت صافية * تنزو إذا ما تدرعت ماها وقوله:
اعرض عن الربع ان مررت به * واشرب من الخمر أنت أصفاها

اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 5  صفحة : 342
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست