اسم الکتاب : نافذة على الفلسفة المؤلف : الساعدي، صادق الجزء : 1 صفحة : 161
العناصر بعضها إلى
بعض ، وهذه حقيقة علمية تتناولها الفلسفة كمادة لبحثها وتطبق عليها القانون العقلي
القائل بأنَّ الوصف الذاتي لا يتخلف عن الشيء ، فنستنتج أن صورة العنصر البسيط
كالصورة الذهبية ليست ذاتية لمادة الذهب ، وإلا لما زالت عنها وإنما هي صفة عارضة
، ثم تمضي الفلسفة أكثر من ذلك فتطبق القانون القائل إن لكل صفة عرضية علة خارجية
، فتصل إلى هذه النتيجة أن المادة لكي تكون ذهبا أو نحاساً أو شيئاً آخر ، بحاجة
إلى سبب خارجي» ، [١]
وذلك السبب هو الأول الذي لا أول قبله ، والآخر الذي لا آخر بعده ، وهو الذي أيَّن
الأين إذ لا أين ، وكيّف الكيف إذ لا كيف ، وهو الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم
يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد. ولا غرابة في ذلك ما دام الله غنياً بذاته
، مستغنياً عما سواه ، بل إن كلَّ ما سواه محتاج إليه. ومن كان هذا شأنه وهذِهِ
منزلته فإن من العبث السؤال عن موجده وخالقه ، وهو قريب من قول القائل : إن الملح
مع كونه ملحاً يحتاج إلى ملح كي يكون مالحاً ، وإن السكر مع كونه سكراً يحتاج إلى
سكر حتى يكون حلواً!!
وهمٌ وردٌ
وقد تقول : ألا يعني هذا إلا الدور
الواضح في بطلانه؛ لأن استغناء الله عن علة توجده موجب للقول بأن الله توقف في
وجوده على نفسه ، أي أن الله تعالى هو الذي أوجد نفسه بنفسه!
«والجواب على ما قيل هو : إن هذا المعنى
يصدق فيما لو كان الله فقيراً في وجوده ، أو أن له بداية بدأ بها ، ولكنّا قلنا
وأثبتنا بأنه تعالى غني بالذات ، بمعنى إنه لم يكن في زمن من الأزمان بمفتقرٍ إلى
الوجود أو معدوماً حتى يحتاج إلى من
[١]ـ فلسفتنا ، ص ٩٢
، محمد باقر الصدر ، المجمع العلمي والثقافي للشهيد الصدر.
اسم الکتاب : نافذة على الفلسفة المؤلف : الساعدي، صادق الجزء : 1 صفحة : 161