اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 99
عليه صلىاللهعليهوسلم كأنواع الأمراض ، مما
لا ينكر ولا يقدح في نبوته. وأما كونه يخيل إليه أنه فعل الشئ ولم يفعله ، فليس في
هذا ما يدخل عليه داخلة في شئ من صدقه ، لقيام الدليل والاجماع على عصمته من هذا.
وإنما هذا فيما يجوز طروه [١]
عليه في أمر دنياه التي لم يبعث لسببها ، ولافضل من أجلها ، وهو فيها عرضة للآفات
كسائر البشر. فغير بعيد : أنه يخيل إليه من أمورها مالا حقيقة له ، ثم ينجلى عنه
كما كان ».
والمقصود ذكر هديه في علاج هذا المرض.
وقد روى عنه نوعان : ( أحدهما ) ـ وهو أبلغهما ـ : استخراجه وتبطيله : كما صح عند صلىاللهعليهوسلم : « أنه سأل ربه
سبحانه في ذلك ، فدل عليه. فاستخرجه من بئر. فكان في مشط ومشاطة ، وجف طلعة ذكر.
فلما استخرجه : ذهب ما به حتى كأنما نشط من عقال ». فهذا من أبلغ ما يعالج به
المطبوب. وهذا بمنزلة إزالة المادة الخبيثة وقلعها من الجسد بالاستفراغ.
( والنوع الثاني ) : الاستفراغ في المحل
الذي يصل إليه أذى السحر. فإن للسحر تأثيرا في الطبيعة وهيجان أخلاطها ، وتشويش
مزاجها ، فإذا ظهر أثره في عضو ، وأمكن استفراغ المادة الرديئة من ذلك العضو ـ : نفع
جدا.
وقد ذكر أبو عبيد في كتاب « غريب الحديث
»
له ـ بإسناده عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى ـ : « أن النبي صلىاللهعليهوسلم احتجم على رأسه
بقرن حين طب »
، قال أبو عبيد : « معنى (طب) أي : سحر ».
وقد أشكل هذا على من قل علمه ، وقال : ما
للحجامة والسحر؟ وما الرابطة بين هذا الداء وهذا الدواء؟ ولو وجد هذا القائل
أبقراط وابن سينا أو غيرهما ، قد نص على هذا العلاج ـ : لتلقاه بالقبول والتسليم ،
وقال : قد نص عليه من لا نشك في معرفته وفضله.
[١] كذا بالزاد ١٠٤.
وفى الأصل : « طرده ». وهو تصحيف
اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 99