اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 98
الدم : خرجت معه تلك
الكيفية السمية التي خالطته. فإن كان استفراغا تاما : لم يضره السم ، بل : إما أن
يذهب ، وإما أن يضعف فتقوى عليه الطبيعة ، فتبطل فعله أو تضعفه.
ولما احتجم النبي صلىاللهعليهوسلم : احتجم في الكاهل
ـ وهو أقرب المواضع التي تمكن [١]
فيها الحجامة ، إلى القلب ـ فخرجت المادة السمية مع الدم : لا خروجا كليا ، بل بقى
أثرها مع ضعفه. لما يريد الله سبحانه : من تكميل مراتب الفضل كلها له.
فلما أراد الله إكرامه بالشهادة : ظهر
تأثير ذلك الأثر الكامن من السم ، ليقضى الله أمرا كان مفعولا ، وظهر سر قوله
تعالى لأعدائه من اليهود : (أفكلما [٢]
جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم : ففريقا كذبتم ، وفريقا تقتلون؟) ، فجاء بلفظ
« كذبتم »
بالماضي الذي قد وقع منه وتحقق ، وجاء بلفظ « تقتلون » بالمستقبل الذي
يتوقعونه وينتظرونه. والله أعلم.
فصل في هديه صلىاللهعليهوسلم
في علاج السحر الذي سحرته اليهودية
قد أنكر هذا طائفة من الناس ، وقالوا : لا
يجوز هذا عليه ، وظنوه نقصا وعيبا. وليس الامر كما زعموا ، بل هو من جنس ما كان
يعتريه صلىاللهعليهوسلم
: من الأسقام والأوجاع وهو من الأمراض ، وإصابته به كإصابته بالسم : لافرق بينهما.
وقد ثبت في الصحيحين ، عن عائشة رضي
الله عنها ، أنها قالت : « سحر رسول الله صلىاللهعليهوسلم
، حتى إن كان ليخيل إليه أنه يأتي نساءه ، ولم يأتهن » [٣].
وذلك أشد ما يكون من السحر.
قال القاضي عياض : « والسحر مرض من الأمراض
، وعارض من العلل ، يجوز