اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 83
تضر بالناقة من
المرض : لسرعة استحالتها ، وضعف الطبيعة عن دفعها ، فإنها بعد لم تتمكن قوتها : وهى
مشغولة بدفع آثار العلة وإزالتها من البدن. وفى الرطب خاصة نوع ثقل على المعدة ، فتشتغل
بمعالجته وإصلاحه ، عما هي بصدده : من إزالة بقية المرض ، وآثاره ، فإما أن تقف
تلك البقية ، وإما أن تتزايد. فلما وضع بين يديه السلق والشعير ، أمره : أن يصيب
منه. فإنه من أنفع الأغذية للناقه : فإن في ماء الشعير ـ من التبريد والتغذية ، والتلطيف
والتليين ، وتقوية الطبيعة ـ ما هو أصلح للناقه ، ولا سيما إذا طبخ بأصول السلق.
فهذا من أوفق الغذاء لمن في معدته ضعف ، ولا يتولد عنه من الاخلاط ، ما يخاف منه.
وقال زيد بن أسلم : « حمى عمر رضي الله
عنه مريضا له ، حتى إنه من شدة ما حماه ، كان يمص النوى ». وبالجملة : فالحمية من
أكبر الأدوية قبل الداء [١]
، فتمنع حصوله. وإذا حصل : فتمنع تزايده وانتشاره.
( فصل )
ومما ينبغي أن يعلم أن كثيرا مما يحمى عنه العليل والناقة والصحيح ، إذا اشتدت
الشهوة إليه ، ومالت إليه الطبيعة ، فتناول منه الشئ اليسير الذي لا تعجز الطبيعة
عن هضمه ـ : لم يضره تناوله ، بل ربما انتفع به. فإن الطبيعة والمعدة تتلقيانه
بالقبول والمحبة ، فيصلحان ما يخشى من ضرره. وقد يكون أنفع من تناول ما تكرهه
الطبيعة وتدفعه : من الدواء.
ولهذا أقر النبي صلىاللهعليهوسلم ، صهيبا ـ وهو أرمد
ـ على تناول التمرات اليسيرة ، وعلم أنها لا تضره.
ومن هذا ما يروى عن علي : « أنه دخل على
رسول الله صلىاللهعليهوسلم
، وهو أرمد ـ وبين يدي النبي صلىاللهعليهوسلم
تمر يأكله ـ فقال : يا علي ، تشتهيه؟ ورمى إليه بتمرة ، ثم بأخرى ، حتى رمى إليه
سبعا. ثم قال : حسبك يا علي » [٢].
ومن هذا ما رواه ابن ماجة في سننه ـ من
حديث عكرمة ، عن ابن عباس ـ :