اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 82
يأكل منها ، وقام
علي يأكل منها. فطفق رسول الله صلىاللهعليهوسلم
يقول لعلي : إنك ناقة ، حتى كف. قالت : وصنعت شعيرا وسلقا ، فجئت به. فقال النبي صلىاللهعليهوسلم لعلي : من هذ أصب ،
فإنه أنفع لك » ، وفى لفظ : « فقال : من هذا فأصب ، فإنه أوفق لك » [١].
وفى سنن ابن ماجة أيضا ، عن صهيب ، قال :
« قدمت على النبي صلىاللهعليهوسلم
ـ وبين يديه خبز وتمر ـ فقال : ادن فكل. فأخذت تمرا فأكلت. فقال : أتأكل تمرا وبك
رمد؟! فقلت : يا رسول الله ، أمضغ من الناحية الأخرى فتبسم رسول الله صلىاللهعليهوسلم » [٢].
وفى حديث محفوظ عنه صلىاللهعليهوسلم : « إن الله إذا
أحب عبدا : حماه من الدنيا ، كما يحمى أحدكم مريضه عن الطعام والشراب » ، وفى لفظ :
« إن الله يحمى عبده المؤمن من الدنيا ».
وأما الحديث الدائر على ألسنة كثير من
الناس : « الحمية رأس الدواء ، والمعدة بيت الداء ، وعودوا كل جسم ما اعتاد » ، فهذا
الحديث إنما هو من كلام الحرث بن كلدة طبيب العرب ، ولا يصح رفعه إلى النبي صلىاللهعليهوسلم. قاله غير واحد من
أئمة الحديث.
ويذكر عن النبي صلىاللهعليهوسلم : « أن المعدة حوض
البدن ، والعروق إليها واردة. فإذا صحت المعدة : صدرت العروق بالصحة ، وإذا سقمت
المعدة : صدرت العروق بالسقم ».
وقال الحرث : « رأس الطب الحمية ».
والحمية عندهم للصحيح في المضرة ، بمنزلة التخليط للمريض والناقة. وأنفع ما تكون
الحمية للناقة من المرض : فإن طبيعته لم ترجع بعد إلى قوتها ، والقوة الهاضمة
ضعيفة. والطبيعة قابلة ، والأعضاء مستعدة ، فتخليطه يوجب انتكاسها. وهو أصعب من
ابتداء مرضه.
واعلم أن في منع النبي صلىاللهعليهوسلم لعلي من الاكل من
الدوالي وهو ناقة ، أحسن التدبير [٣]
: فإن الدوالي أفناء من الرطب تعلق في البيت للاكل ، بمنزلة عناقيد العنب.
والفاكهة
[١] وأخرجه أيضا أبو
داود وأحمد ، والحاكم في صحيحه. اه ق.