اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 84
« أن النبي صلىاللهعليهوسلم عاد رجلا ، فقال له
: ما تشتهى؟ فقال : أشتهي خبز بر. وفى لفظ : أشتهي كعكا. فقال النبي [١]صلىاللهعليهوسلم
: من كان عنده خبز بر ، فليبعث إلى أخيه. ثم قال : إذا اشتهى مريض أحدكم شيئا ، فليطعمه
» [٢].
ففي هذا الحديث سر طبي لطيف : فإن
المريض إذا تناول ما يشتهيه عن جوع صادق طبيعي ، وكان فيه ضرر ما ـ : كان أنفع
وأقل ضررا مما لا يشتهيه. وإن كان نافعا في نفسه : فإن صدق شهوته ، ومحبة الطبيعة
له ـ تدفع [٣]
ضرره. وبغض الطبيعة وكراهتها للنافع ، قد يجلب لها منه ضررا. وبالجملة : فاللذيذ
المشتهى تقبل الطبيعة عليه بعناية. فتهضمه على أحمد الوجوه ، سيما عند انبعاث ( النفس
) [٤] إليه بصدق
الشهوة ، وصحة القوة. والله أعلم.
فصل في هديه صلىاللهعليهوسلم
في علاج الرمد بالسكون والرعة
وترك الحركة ، والحمية مما يهيج الرمد
وقد تقدم : أن النبي صلىاللهعليهوسلم حمى صهيبا من التمر
، وأنكر عليه أكله : وهو أرمد. وحمى عليا من الرطب لما أصابه الرمد
وذكر أبو نعيم في كتاب الطب النبوي : «
أنه صلىاللهعليهوسلم
كان إذا رمدت عين امرأة من نسائه : لم يأتها حتى تبرأ عينها ».
( الرمد ) : ورم حار يعرض في الطبقة
الملتحمة من العين ، وهو بياضها الظاهر. وسببه : انصباب أحد الاخلاط الأربعة ، أو
ريح حارة تكثر كميتها في الرأس والبدن ، فينبعث منها قسط إلى جوهر العين ، أو ضربة
تصيب العين ، فترسل الطبيعة إليها من الدم والروح مقدارا كثيرا ، تروم بذلك شفاءها
مما عرض لها. ولأجل ذلك يورم العضو المضروب. والقياس يوجب ضده.
[١] كذا بالزاد (ص
٩٧). وفى الأصل : « فقال له النبي ». والزيادة من الطابع أو الناسخ.