اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 63
ولما كانت ثياب الحرير ، كذلك وليس فيها
شئ من اليبس والخشونة الكائنتين [١]
في غيرها ـ : صارت نافعة من الحكة : إذ الحكة لا تكون إلا عن حرارة ويبس وخشونة فلذلك
رخص رسول الله صلىاللهعليهوسلم
، للزبير وعبد الرحمن ، في لباس الحرير : لمداواة الحكة. وثياب الحرير أبعد عن
تولد القمل فيها : إذ كان مزاجها مخالفا لمزاج ما يتولد منه القمل.
وأما القسم الذي لا يدفئ ولا يسخن : فالمتخذ
من الحديد والرصاص والخشب والتراب ونحوها.
فإن قيل : فإذا كان لباس الحرير أعدل
اللباس وأوفقه للبدن ، فلماذا حرمته الشريعة الكاملة الفاضلة ، التي أباحت الطيبات
، وحرمت الخبائث؟.
قيل : هذا السؤال : يجيب عنه كل طائفة ـ
من طوائف المسلمين ـ بجواب.
فمنكروا الحكم والتعليل : لما رفعت
قاعدة التعليل من أصلها ، لم تحتج إلى جواب هذا السؤال.
ومثبتوا التعليل والحكم ـ وهم الأكثرون
ـ منهم من يجيب عن هذا : بأن الشريعة حرمته : لتصبر النفوس عنه ، وتتركه لله ، فتثاب
على ذلك. لا سيما ولها عوض عنه بغيره.
ومنهم من يجيب عنه : بأنه خلق في الأصل
للنساء كالحلية بالذهب ، فحرم على الرجال لما فيه : من مفسدة تشبه الرجال بالنساء.
ومنهم من قال : حرم لما يورثه : من الفخر والخيلاء والعجب.
ومنهم من قال : حرم لما يورثه للبدن
لملاسته : من الاونوثية والتخنث ، وضد الشهامة والرجولية. فإن لبسه يكسب القلب صفة
من صفات الإناث. ولهذا لا تكاد تجد من يلبسه في الأكثر ، إلا وعلى شمائله : من
التخنث والتأنث والرخاوة ، مالا يخفى حتى لو كان من أشهم [٢] الناس وأكثرهم فحولية ورجولية ، فلا بد
أن ينقصه لبس
[١] كذا بالأصل. وفى
الزاد (ص ٨٨) : « الكائنين ». وكل صحيح.
[٢] كذا بالزاد (ص
٨٩). وفى الأصل : « شهم » ، وهو تحريف.
اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 63