اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 62
سدا لذريعة ربا
النسيئة ، وأبيح منه ما تدعو إليه الحاجة : من العرايا [١]. وقد أشبعنا الكلام فيما يحل ويحرم : من
لباس الحرير ، في كتاب : « التحبير ، لما يحل ويحرم من لباس الحرير ».
( فصل )
وأما الامر الطبي ، فهو : أن الحرير من الأدوية المتخذة من الحيوان ، ولذلك يعد في
الأدوية الحيوانية. لان مخرجه من الحيوان. وهو كثير المنافع ، جليل الموقع. ومن
خاصيته : تقوية القلب وتفريحه ، والنفع من كثير من أمراضه ، ومن غلبة المرة
السوداء والأدواء الحادثة عنها. وهو مقو للبصر : إذا اكتحل به. والخام منه ـ وهو المستعمل
في صناعة الطب ـ حار يابس في الدرجة الأولى. وقيل : حار رطب فيها وقيل معتدل ( في
صناعة الطب ) [٢].
وإذا اتخذ منه ملبوس : كان معتدل الحرارة في مزاجه ، مسخنا للبدن ، وربما برد
البدن بتسمينه إياه.
قال الرازي : « الإبريسم [٣] أسخن من الكتان ، وأبرد من القطن ، يربى
اللحم. وكل لباس خشن فإنه يهزل ويصلب البشرة ، وبالعكس ».
قلت : والملابس ثلاثة أقسام : قسم يسخن
البدن ويدفئه ، وقسم يدفئه ولا يسخنه ، وقسم لا يسخنه ولا يدفئه. وليس هناك ما
يسخنه ولا يدفئه : إذ ما يسخنه فهو أولى بتدفئته. فملابس الأوبار والأصواف تسخن
وتدفئ ، وملابس الكتان والحرير والقطن تدفئ ولا تسخن. فثياب الكتان باردة يابسة ، وثياب
الصوف حارة يابسة ، وثياب القطن معتدلة الحرارة ، وثياب الحرير ألين من القطن وأقل
حرارة منه. قال صاحب المنهاج : « ولبسه لا يسخن كالقطن بل هو معتدل ». وكل لباس
أملس صقيل : فإنه أقل إسخانا للبدن ، وأقل عونا في تحلل ما يتحلل منه ، وأحرى أن
يلبس في الصيف وفى البلاد الحارة.
[١] جمع « عرية » ـ بزنة قضية ـ وهى
: النخلة يعطيها صاحبها لفقير ، لينتفع بثمرتها إلى سنة ، فتدفعه الحاجة إلى أن
يأخذ بثمرتها تمرا قبل أن تحزر ثمرتها. فلا يضر الفضل حينئذ. اه ق.