اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 61
فأما الفقهي ، فالذي استقرت عليه سنته ـ
صلىاللهعليهوسلم
ـ : إباحة الحرير للنساء مطلقا ، وتحريمه على الرجال إلا لحاجة ، أو مصلحة راجحة.
فالحاجة إما من شدة البرد : ولا يجد غيره ، أو لا يجد سترة سواه. ومنها : إلباسه [١] للحرب والمرض ، والحكة وكثرة القمل. كما
دل عليه حديث أنس هذا الصحيح.
والجواز أصح الروايتين عن الإمام أحمد ،
وأصح قولي الشافعي. إذ [٢]
الأصل : عدم التخصيص. والرخصة إذا ثبتت في حق بعض الأمة لمعنى ، تعدت إلى كل من
وجد فيه ذلك المعنى. إذ الحكم يعم بعموم سببه.
ومن منع منه قال : أحاديث التحريم عامة
، وأحاديث الرخصة يحتمل اختصاصها بعبد الرحمن بن عوف والزبير ، ويحتمل تعديها إلى
غيرهما. وإذا احتمل الأمران : كان الاخذ بالعموم أولى. ولهذا قال بعض الرواة في
هذا الحديث : « فلا أدرى : أبلغت الرخصة من بعدهما ، أم لا؟ ».
والصحيح : عموم الرخصة ، فإنه عرف خطاب
الشرع في ذلك ، ما لم يصرح بالتخصيص وعدم إلحاق غير من رخص له أولا به. كقوله لأبي
بردة : « تجزيك ولن تجزى عن أحد بعدك ». وكقوله تعالى لنبيه صلىاللهعليهوسلم ـ في نكاح من وهبت
نفسها له ـ : ( خالصة لك من دون المؤمنين ). وتحريم الحرير إنما كان سدا للذريعة ،
ولهذا أبيح للنساء ، وللحاجة والمصلحة الراجحة. ( وهذه قاعدة ) [٣] ما حرم لسد الذرائع : فإنه يباح عند
الحاجة والمصلحة الراجحة. كما حرم النظر : سدا لذريعة الفعل ، وأبيح منه ما تدعو إليه
الحاجة والمصلحة الراجحة. وكما حرم التنفل بالصلاة في أوقات النهى : سدا لذريعة. المشابهة
الصورية بعباد الشمس ، وأبيحت للمصلحة الراجحة. وكما حرم ربا الفضل :
[١] كذا بالزاد (ص
٨٨). وفى الأصل : « ومنهما لباسه ». وهو تحريف.
[٢] كذا بالزاد. وفى
الأصل : « إذا » ، وهو خطأ وتحريف.