اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 53
وكان كثيرا ما يقرأ في أذن المصروع : (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا ، وأنكم إلينا لا
ترجعون؟! ).
وحدثني : « أنه قرأها مرة في أذن
المصروع ، فقالت الروح : نعم ، ومد بها صوته. قال : فأخذت له عصا ، وضربته بها في
عروق عنقه ، حتى كلت [١]
يداي من الضرب. ولم يشك الحاضرون : بأنه يموت لذلك الضرب. ففي أثناء الضرب ، قالت
: أنا أحبه. فقلت لها : هو لا يحبك. قالت : أنا أريد أن أحج به. فقلت لها : هو لا
يريد أن يحج معك. فقالت : أنا أدعه كرامة لك. ( قال ) قلت : لا ، ولكن : طاعة لله
ولرسوله. قالت : فأنا أخرج منه. قال : فقعد المصروع يلتفت يمينا وشمالا ، وقال : ما
جاء بي إلى حضرة الشيخ ، قالوا له : وهذا الضرب كله؟ فقال : وعلى أي شئ يضربني
الشيخ ، ولم أذنب؟ ولم يشعر بأنه وقع به الضرب [٢]
البتة » [٣].
وكان يعالج بآية الكرسي ، وكان يأمر
بكثرة قراة المصروع ومن يعالجه بها ، وبقراءة المعوذتين.
وبالجملة : فهذا النوع من الصرع وعلاجه
لا ينكره إلا قليل الحظ من العلم والعقل والمعرفة. وأكثر تسلط الأرواح الخبيثة على
أهله ، تكون : من جهة قلة دينهم ، وخراب قلوبهم وألسنتهم من حقائق الذكر والتعاويذ
، والتحصنات النبوية والايمانية. فتلقى الروح الخبيثة الرجل ، أعزل لا سلاح معه ، وربما
كان عريانا : فيؤثر فيه هذا.
[١] كذا بالأصل. وفى
الزاد (ص ٨٥) : « تخلت ». وكل صحيح ، وإن كان ما في الأصل أنسب.
[٣] الصرع هو : مرض
عصبي ينتج من تهيج خلايا المخ ، ويمتاز بحصول نوبات تشنجات في جميع أعضاء الجسم ،
وخروج ريم أحيانا ما يكون مدمما : نتيجة قرص اللسان بالأسنان. ويعقب التشنجات تقلص
في جميع عضلات الجسم لمدة قصيرة يتبعها ارتخاء العضلات ، ودخول المريض في نوم
عميق. ويكون المريض أثناء النوم غائبا تماما عن وعيه : لا يدرى إطلاقا ما حدث.
وعلاجه : إعطاء مهدئات.
ولكن بعض الحالات النفسية ـ
المسماة بالهستريا العصبية ـ تشابه في أعراضها الظاهرة الصرع : مما لا تخفى على
فطنة الأطباء. ففي هذه الحالات الأخيرة ، قد يفيد الضرب أو التعذيب أو العقاب :
كعلاج لمثل هذه الحالات. اه د.
اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 53