اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 52
الإلهي ، لكون هذه
العلة تحدث في الرأس ، فتضر بالجزء الإلهي الظاهر [١] الذي مسكنه الدماغ.
وهذا التأويل نشأ لهم من جهلهم بهذه
الأرواح ، وأحكامها ، وتأثيراتها.
وجاءت زنادقة الأطباء : فلم يثبتوا إلا
صرع الاخلاط وحده.
ومن له عقل ومعرفة بهذه الأرواح
وتأثيراتها ، يضحك من جهل هؤلاء ، وضعف عقولهم.
وعلاج هذا النوع يكون بأمرين : أمر من
جهة المصروع ، وأمر من جهة المعالج.
فالذي من جهة المصروع ، يكون : بقوة
نفسه ، وصدق توجهه إلى فاطر هذه الأرواح وبارئها ، والتعوذ الصحيح الذي قد تواطأ
عليه القلب واللسان. فإن هذا نوع محاربة ، والمحارب لا يتم له الانتصاف من عدوه
بالسلاح إلا لامرين : أن يكون السلاح صحيحا في نفسه جيدا ، وأن يكون الساعد قويا.
فمتى تخلف أحدهما لم يغن السلاح كثير طائل ، فكيف إذا عدم الأمران جميعا : يكون
القلب خرابا من التوحيد والتوكل والتقوى والتوجه ، ولا سلاح له؟!
والثاني من جهة المعالج : بأن يكون فيه
هذان الأمران أيضا ، حتى إن من المعالجين من يكتفى بقوله : اخرج منه ، أو يقول
باسم الله ، أو يقول : [٢]
لا حول ولا قوة إلا بالله.
والنبي صلىاللهعليهوسلم
، وكان يقول : « اخرج عدو الله ، أنا رسول الله » [٣].
وشاهدت شيخنا : يرسل إلى المصروع من
يخاطب الروح التي فيه ، ويقول : قال لك الشيخ : اخرجي فإن هذا لا يحل لك. فيفيق
المصروع. وربما خاطبها بنفسه. وربما كانت الروح ماردة : فيخرجها بالضرب ، فيفيق
المصروع ، ولا يحس بألم. وقد شاهدنا ـ نحن وغيرنا ـ منه ذلك مرارا.
[١] كذا بالأصل. وفى
الزاد : « الطاهر » ، وهو تصحيف.
[٢] كذا بالأصل. وفى
الزاد : « أو بقول ». وكلاهما صحيح ، وإن كان ما في الأصل أحسن.