اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 28
إلهي : صادر عن
الوحي ، ومشكاة النبوة ، وكمال العقل. وطب غيره أكثره حدس [١] وظنون وتجارب ، ولا ينكر عدم انتفاع
كثير من المرضى بطب النبوة ، فإنه إنما ينتفع به من تلقاه بالقبول واعتقاد الشفاء
له ، وكمال التلقي له : بالايمان والاذعان. فهذا القرآن ـ الذي هو شفاء لما في
الصدور ـ إن لم يتلق هذا التلقي : لم يحصل به شفاء الصدور من أدوائها ، بل لا يزيد
المنافقين إلا رجسا إلى رجسهم ، ومرضا إلى مرضهم. وأين يقع [٢] طب الأبدان منه؟! فطب النبوة لا يناسب
إلا الأبدان الطيبة : كما أن شفاء القرآن لا يناسب إلا الأرواح الطيبة ، والقلوب
الحية. فإعراض الناس عن طب النبوة : كإعراضهم عن الاستشفاء بالقرآن الذي هو : الشفاء
النافع. وليس ذلك لقصور في الدواء ، ولكن : لخبث الطبيعة ، وفساد المحل وعدم قبوله.
والله الموفق.
( فصل ) وقد اختلف الناس في قوله تعالى
: ( يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه : فيه شفاء للناس ) ، هل الضمير في « فيه »
راجع إلى الشراب؟ أو راجع إلى القرآن؟ ـ على قولين ، الصحيح ( منهما ) : رجوعه إلى
الشراب. وهو قول ابن مسعود ، وابن عباس ، والحسن ، وقتادة ، والأكثرين. فإنه هو
المذكور ، والكلام سيق لأجله. ولا ذكر للقرآن في الآية. وهذا الحديث الصحيح ـ وهو
قوله : « صدق الله » ـ كالصريح فيه. والله تعالى أعلم.
فصل في هديه في الطاعون
وعلاجه ، والاحتراز منه
في الصحيحين ـ عن عامر بن سعد بن أبي
وقاص ، عن أبيه ـ : « أنه سمعه يسأل أسامة بن زيد : ماذا سمعت من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، في الطاعون؟ فقال
أسامة : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم
: الطاعون رجز أرسل على طائفة من بني إسرائيل ، وعلى من كان قبلكم ، فإذا سمعتم به
بأرض : فلا تدخلوا عليه ، وإذا وقع بأرض ـ وأنتم بها ـ فلا تخرجوا منها فرارا منه [٣].
[٣] هذا هو ما يتبع
حتى الآن : في الوقاية من الطاعون. فإن أصيبت قرية ما بهذا المرض : عمل حولها (كردون
صحى) : يمنع أي شخص من الخروج منها ، ويمنع دخول أي شخص إليها ، ما عدا الأطباء
اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 28