اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 272
سبائك ونحوها : مما
ليس بآنية ولا نقد. والفخر والخيلاء حرام بأي شئ كان. وكسر قلوب المساكين لا ضابط
له : فإن قلوبهم تنكسر بالدور الواسعة ، والحدائق المعجبة ، والمراكب ( الفارهة ، والملابس
) [١] الفاخرة ، والأطعمة
اللذيذة ، وغير ذلك : من المباحات. وكل هذه علل منتقضة : إذ توجد العلة ويتخلف
معلولها.
فالصواب أن العلة ـ والله أعلم ـ ما
يكسب استعمالها القلب : من الهيئة والحالة المنافية للعبودية منافاة ظاهرة. ولهذا
علل النبي صلىاللهعليهوسلم
، بأنها للكفار في الدنيا : إذ ليس لهم نصيب من العبودية التي ينالون بها [٢] في الآخرة. فلا يصلح استعمالها لعبيد
الله في الدنيا ، وإنما يستعملها من خرج عن عبوديته ، ورضى بالدنيا وعاجلها من
الآخرة. والله أعلم [٣].
حرف القاف
١ ـ ( قرآن ).
قال تعالى : (وننزل من القرآن ما هو
شفاء ورحمة للمؤمنين). والصحيح أن « من » ههنا لبيان الجنس ،
لا للتبعيض. وقال تعالى : (يا أيها
الناس ، قد جاءتكم موعظة من ربكم ، وشفاء لما في الصدور).
فالقرآن هو : الشفاء التام من جميع
الأدواء القلبية والبدنية ، وأدواء الدنيا والآخرة. وما كل أحد يؤهل ولا يوفق
للاستشفاء به. وإذا أحسن العليل التداوي به ، ووضعه على دائه بصدق وإيمان ، وقبول
تام ، واعتقاد جازم ، واستيفاء شروطه ـ : لم يقاومه الداء أبدا.
وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض
والسماء : الذي لو نزل على الجبال لصدعها أو على الأرض لقطعها؟! فما من مرض من
أمراض القلوب والابدان ، إلا وفى القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه والحمية منه
، لمن رزقه الله فهما في كتابه.