والفضة : سر من أسرار الله في الأرض ، وطلسم
الحاجات ، وأحساب أهل الدنيا بينهم. وصاحبها مرموق بالعيون بينهم ، معظم في النفوس
، مصدر في المجالس : لا تغلق دونه الأبواب ، ولا تمل مجالسته ولا معاشرته ، ولا
يستثقل مكانه ، تشير الأصابع إليه وتعقد العيون نطافها عليه ، إن قال سمع قوله ، وإن
شفع قبلت شفاعته ، وإن شهد زكيت شهادته ، وإن خطب فكفء : لا يعاب ، وإن كان ذا
شيبة بيضاء فهي أجمل عليه من حلية الشباب.
وهى من الأدوية المفرحة ، النافعة من
الهم والغم والحزن ، وضعف القلب وخفقانه. وتدخل في المعاجين الكبار ، وتجتذب
بخاصيتها ما يتولد في القلب : من الاخلاط الفاسدة ، خصوصا إذا أضيفت إلى العسل
المصفى والزعفران.
ومزاجها إلى البرودة واليبوسة [٢]. ويتولد عنها ، من الحرارة والرطوبة ، ما
يتولد.
والجنان ـ التي أعدها الله عز وجل
لأوليائه ، يوم يلقونه ـ أربع : جنتان من ذهب وجنتان من فضة ، آنيتهما ، وحليتهما [٣] ، وما فيهما.
وقد ثبت عنه صلىاللهعليهوسلم ، في الصحيح ، أنه
قال : « الذي يشرب في آنية الذهب والفضة ، إنما يجرجر في بطنه نار جهنم ». وصح عنه
صلىاللهعليهوسلم
، أنه قال : « لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ، ولا تأكلوا في صحافهما [٤]. فإنها لهم في الدنيا ، ولكم في الآخرة
».
فقيل : علة التحريم : تضييق النقود ، فإنها
إذا اتخذت أواني فاتت الحكمة التي وضعت لأجلها : من قيام مصالح بني آدم. وقيل : العلة
الفخر والخيلاء. وقيل : العلة كسر قلوب الفقراء والمساكين ، إذا رأوها وعاينوها.
وهذه العلل فيها ما فيها : فإن التعليل
بتضييق النقود يمنع من التحلي بها ، وجعلها
[١] كذا بالزاد ٢٠ /
١٧٨. وهو المشهور. وفى الأصل : حرام.