اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 213
ولا يفضحه بين الناس
ويعرضه للأذى ، فإنه يكون ظالما متعديا.
ولا يغتر بالحديث الموضوع على رسول الله
صلىاللهعليهوسلم
ـ الذي رواه سويد بن سعيد ، عن علي بن مسهر ، عن أبي يحيى القتات ، عن مجاهد ، عن
ابن عباس رضي الله عنهما ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم.
ورواه عن [١]
ابن مسهر أيضا ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم. وراه الزبير بن
بكار ، عن عبد الملك بن عبد العزيز بن الماجشون [٢] ، عن عبد العزيز بن حازم ، عن ابن أبي
نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم ـ أنه قال : « من
عشق فعف فمات ، فهو شهيد » ، وفى رواية : « من عشق وكتم وعف وصبر ، غفر
له الله وأدخله الجنة ».
فإن هذا الحديث لا يصح عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولا يجوز أن يكون
من كلامه. فإن الشهادة درجة عالية عند الله ، مقرونة بدرجة الصديقية ، ولها أعمال
وأحوال هي [٣]
شرط في حصولها. وهى نوعان : عامة وخاصة ، فالخاصة : الشهادة في سبيل الله. والعامة
خمس مذكورة في الصحيح ليس العشق واحدا منها. وكيف يكون العشق ـ الذي هو شرك في المحبة
، وفراغ عن الله ، وتمليك القلب والروح والحب لغيره ـ تنال به درجة الشهادة؟! هذا
من المحال : فإن إفساد عشق الصور للقلب فوق كل إفساد ، بل هو خمر الروح : الذي يسكرها
، ويصدها عن ذكر الله وحبه ، والتلذذ بمناجاته ، والانس به ، ويوجب عبودية القلب لغيره.
فإن قلب العاشق متعبد لمعشوقه ، بل العشق لب العبودية : فإنها كمال الذل والحب والخضوع
والتعظيم. فكيف يكون تعبد القلب لغير الله ، مما تنال به درجة أفاضل الموحدين وساداتهم
وخواص الأولياء؟! فلو كان إسناد هذا الحديث كالشمس : كان غلطا ووهما. ولا يحفظ عن
رسول الله صلىاللهعليهوسلم
لفظ العشق ، في حديث صحيح البتة.
ثم : إن العشق منه حلال ، ومنه حرام.
فكيف يظن بالنبي صلىاللهعليهوسلم
، أنه يحكم على كل