responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية    الجزء : 1  صفحة : 212

الثاني : حصول مكروه أشق عليه من فوات هذا المحبوب ، بل يجتمع له الأمران. أعنى : فوات ما هو أحب إليه من هذا المحبوب ، وحصول ما هو أكره إليه من فوات هذا المحبوب. فإذا تيقن أن في إعطاء النفس حظها من هذا المحبوب ، هذين الامرين ـ : هان عليه تركه ، ورأى أن صبره على فوته أسهل من صبره عليهما بكثير. فعقله ودينه ومروءته وإنسانيته : تأمره باحتمال الضرر اليسير ، الذي ينقلب سريعا لذة وسرورا وفرحا ، لدفع هذين الضررين العظيمين. وجهله وهواه وظلمه وطيشه وخفته : تأمره [١] بإيثار هذا المحبوب العاجل بما فيه ، جالبا عليه ما جلب. والمعصوم من عصمه الله.

فإن لم تقبل نفسه هذا الدواء ، ولم تطاوعه لهذه المعالجة ـ : فلينظر ما تجلب عليه هذه الشهوة من مفاسد عاجلته [٢] ، وما تمنعه من مصالحها. فإنها أجلب شئ لمفاسد الدنيا ، وأعظم شئ تعطيلا لمصالحها. فإنها تحول بين العبد وبين رشده الذي هو ملاك أمره ، وقوام مصالحه.

فإن لم تقبل نفسه هذا الدواء : فليتذكر قبائح المحبوب ، وما يدعوه إلى النفرة عنه. فإنه إن طلبها وتأملها : وجدها أضعاف محاسنه التي تدعو إلى حبه. وليسأل جيرانه عما خفى عليه منها : فإن المحاسن كما هي داعية الحب والإرادة ، فالمساوى داعية البغض والنفرة. فليوازن بين الداعيين ، وليحب أسبقهما وأقربهما منه بابا. ولا يكن ممن غره لون جمال على جسم أبرص مجذوم ، وليجاوز بصره حسن [٣] الصورة إلى قبح الفعل ، وليعبر من حسن المنظر والجسم ، إلى قبح المخبر والقلب.

فإن عجزت عنه هذه الأدوية كلها : لم يبق له إلا صدق اللجأ [٤] إلى من يجيب المضطر إذا دعاه ، وليطرح نفسه بين يديه على بابه : مستغيثا به ، متضرعا متذللا مستكينا.

فمتى وفق لذلك : فقد قرع باب التوفيق. فليعف وليكتم ، ولا يشبب بذكر المحبوب ،


[١] بالزاد : يأمره. وكل صحيح كما لا يخفى.

[٢] كذا بالأصل والزاد. أي دنياه : فلا تتوهم أنه محرف عن « عاجلة ».

[٣] كذا بالزاد ١٥٤. وفى الأصل : من حسن. ولعل الزيادة من الناسخ أو الطابع. انظر المختار والمصباح : ( جوز ).

[٤] كذا بالزاد. وفى الأصل : اللجاء. وهو خطأ وتحريف على ما في المختار : ( لجأ ).

اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية    الجزء : 1  صفحة : 212
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست