اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 214
عاشق يكتم ويعف بأنه
شهيد؟! فترى من يعشق امرأة غيره ، أو يعشق المردان والبغايا ـ ينال بعشقه درجة
الشهداء. وهل هذا إلا خلاف المعلوم من دينه صلىاللهعليهوسلم.
كيف : والعشق مرض من الأمراض التي جعل الله سبحانه لها الأدوية شرعا وقدرا ، والتداوي
منه إما واجب : إن كان عشقا حراما ، وإما مستحب؟! وأنت إذا تأملت الأمراض والآفات
ـ التي حكم رسول الله صلىاللهعليهوسلم
لأصحابها بالشهادة ـ : وجدتها من الأمراض التي لا علاج لها ، كالمطعون والمبطون والمجبوب
[١] والحريق
والغريق ، وموت المرأة يقتلها ولدها في بطنها. فإن هذه بلايا من الله لا صنع للعبد
فيها ، ولا علاج لها ، وليست أسبابها محرمة ، ولا يترتب عليها ـ : من فساد القلب ،
وتعبده لغير الله. ـ ما يترتب على العشق.
فإن لم يكف هذا في إبطال نسبة هذا
الحديث إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم
، فقلد أئمة الحديث العالمين به وبعلله : فإنه لا يحفظ عن إمام واحد منهم قط ، أنه
شهد له بصحة بل ولا بحسن [٢].
كيف : وقد أنكروا على سويد هذا الحديث ، ورموه لأجله بالعظائم ، واستحل بعضهم غزوه
لأجله.؟! قال أبو أحمد بن عدي في كامله : « هذا الحديث أحد ما أنكر على سويد » ، وكذلك
قال البيهقي : « إنه مما أنكر عليه ». وكذلك قال ابن طاهر في الذخيرة وذكره الحاكم
في تاريخ نيسابور ، وقال : « أنا أنعجب من هذا الحديث. فإنه لم يحدث به عن غير
سويد ، وهو ثقة ». وذكره أبو الفرج بن الجوزي في كتاب الموضوعات. وكان أبوبكر
الأزرق يرفعه أولا عن سويد ، فعوتب فيه : فأسقط ذكر [٣] النبي صلىاللهعليهوسلم
، وكان لا يجاوز به ابن عباس رضي الله عنهما.
ومن المصائب التي لا تحتمل : جعل هذا
الحديث من حديث هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم. ومن له أدنى إلمام
بالحديث وعلله : لا يحتمل هذا البتة. ولا يحتمل أن يكون من حديث ابن الماجشون ، عن
ابن أبي حازم ، عن ابن أبي نجيح ، عن