اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 184
( فصل ) وثبت في صحيح مسلم : « أنه صلىاللهعليهوسلم كان ينتبذ له [١] أول الليل ، ويشربه ـ إذا أصبح ـ يومه
ذلك ، والليلة التي تجئ ، والغد والليلة الأخرى ، والغد إلى العصر. فإن بقى منه شئ
: سقاه الخادم ، أو أمر به فصب ».
وهذا النبيذ هو : ماء [٢] يطرح فيه تمر يحليه ، وهو يدخل في
الغذاء والشراب ، وله نفع عظيم : في زيادة القوة ، وحفظ الصحة. ولم يكن يشربه بعد
ثلاث : خوفا من تغيره إلى الاسكار.
فصل في تدبيره لأمر الملبس
وكان من أتم الهدى ، وأنفعه للبدن ، وأخفه
عليه ، وأيسره لبسا وخلعا.
وكان أكثر لبسه [٣] والازر. وهى أخف على البدن من غيرها.
وكان يلبس القميص ، بل كان أحب الثياب إليه.
وكان هديه في لبسه لما يلبسه ، أنفع شئ
للبدن. فإنه لم يكن يطيل أكمامه ويوسعها ، بل كانت كم قميصه إلى الرسغ : لاتجاوز [٤] اليد ، فتشق على لابسها ، وتمنعه خفة
الحركة والبطش. ولا تقصر عن هذه ، فتبرز للحر والبرد.
وكان ذيل قميصه وإزاره إلى أنصاف
الساقين : لم يتجاوز الكعبين ، فيؤذى الماشي ويؤوده ، ويجعله كالمقيد. ولم يقصر عن
عضلة ساقه ، فتنكشف [٥]
: فيتأذى بالحر والبرد.
ولم تكن عمامته بالكبيرة التي يؤذى
الرأس حملها ويضعفه ، ويجعله عرضة للضعف والآفات ، كما يشاهد من حال أصحابها ، ولا
بالصغيرة التي تقصر عن وقاية الرأس من الحر والبرد ، بل وسطا بين ذلك. وكان يدخلها
تحت حنكه. وفى ذلك فوائد عديدة : فإنها
[١] بالزاد : ينبذ.
وكل صحيح على ما في النهاية : ٤ / ١٢١.