اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 183
وأما النفخ في الشراب : فإنه يكسبه من
فم النافخ رائحة كريهة ، يعاف لأجلها ، ولا سيما إن كان متغير الفم. وبالجملة : فأنفاس
النافخ تخالطه.
ولهذا ، جمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ بين النهى عن
التنفس في الاناء ، والنفخ فيه ـ في الحديث الذي رواه الترمذي وصححه ، عن ابن عباس
رضي الله عنهما [١]
، قال : « نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم
: أن يتنفس في الاناء ، أو ينفخ فيه ».
فإن قيل : فما تصنعون بما في الصحيحين ـ
من حديث أنس ـ : « أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم
كان يتنفس في الاناء ثلاثا »؟.
قيل : نقابله بالقبول والتسليم ، ولا
معارضة بينه وبين الأول. فإن معناه : أنه كان يتنفس في شربه ثلاثا ، وذكر الاناء :
لأنه آلة الشرب. وهذا كما جاء في الحديث الصحيح : « أن إبراهيم ابن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ مات في الثدي » ، أي : في مدة
الرضاع.
( فصل )
وكان صلىاللهعليهوسلم
يشرب اللبن : خالصا تارة ، ومشوبا بالماء أخرى.
وفى شرب اللبن الحلو في تلك البلاد
الحارة ـ خالصا ومشوبا ـ نفع عظيم : في حفظ الصحة ، وترطيب البدن ، ورى الكبد ، ولا
سيما اللبن الذي ترعى دوابه الشيح والقيصوم والخزامى ، وما أشبهها. فإن لبنها : غذاء
مع الأغذية ، وشراب مع الأشربة ، ودواء مع الأدوية.
وفى جامع الترمذي ـ عنه صلىاللهعليهوسلم ـ : « إذا أكل
أحدكم طعاما ، فليقل : اللهم ، بارك لنا فيه ، وأطعمنا خيرا منه. وإذا سقى لبنا ، فليقل
: اللهم ، بارك لنا فيه ، وزدنا منه. فإنه ليس شئ يجزى [٢] من الطعام والشراب ، إلا اللبن ». قال
الترمذي : هذا حديث حسن.