اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 185
تقى العنق الحر
والبرد ، وهو أثبت لها ولا سيما عند ركوب الخيل والإبل ، والكر والفر. وكثير من
الناس اتخذ الكلاليب عوضا عن التحنك [١]
ويا بعد ما بينهما في النفع والزينة! وأنت إذا تأملت هذه اللبسة : وجدتها من أنفع
اللبسات وأبلغها في حفظ صحة البدن وقوته ، وأبعدها من التكلف والمشقة على البدن.
وكان يلبس الخفاف في السفر دائما أو
أغلب أحواله ـ : لحاجة الرجلين إلى ما يقيهما من الحر والبرد. ـ وفى الحضر أحيانا.
وكان أحب ألوان الثياب إليه البياض
والحبرة ، وهى : البرود المحبرة.
ولم يكن من هديه لبس الأحمر ، ولا
الأسود ، ولا المصبغ ، ولا المصقول.
وأما الحلة الحمراء التي لبسها ، فهي : الرداء
اليماني الذي فيه سواد وحمرة وبياض ، كالحلة الخضراء. فقد لبس هذه وهذه. وقد تقدم
تقرير ذلك ، وتغليظ من زعم أنه لبس الأحمر ألقاني ـ بما فيه كفاية.
فصل في تدبيره لأمر المسكر
لما علم صلىاللهعليهوسلم
أنه على ظهر سير ، وأن الدنيا مرحلة مسافر ـ ينزل فيها مدة عمره ، ثم ينتقل عنها
إلى الآخرة ـ : لم يكن من هديه وهدى أصحابه ومن تبعه ، الاعتناء بالمساكن وتشييدها
، وتعليتها وزخرفتها [٢]
وتوسيعها. بل كانت من أحسن منازل المسافر : تقى الحر والبرد ، وتستر عن العيون ، وتمنع
من ولوج الدواب ، ولا يخاف سقوطها لفرط ثقلها ، ولا تعشعش فيها الهوام لسعتها ، ولا
تعتور عليها الأهوية والرياح المؤذية لارتفاعها. وليست تحت الأرض. فتؤذى ساكنها ، ولافى
غاية الارتفاع عليها ، بل وسط. وتلك أعدل المساكن وأنفعها ، وأقلها حرا وبردا ، ولا
تضيق عن ساكنها فينحصر ، ولا