اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 147
ففي هذه الرقية ، توسل إلى الله : بكمال
ربوبيته ، وكمال رحمته بالشفاء ، وأنه وحدهالشافي ، وأنه لا شفاء إلا شفاؤه.
فتضمنت التوسل إليه : بتوحيده وإحسانه وربوبيته.
فصل في هديه صلىاللهعليهوسلم
في علاج مر المصيبة وحزنها
قال تعالى : (وبشر الصابرين ، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا
: إنا لله وإنا إليه راجعون. أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة ، وأولئك هم
المهتدون).
وفى المسند عنه صلىاللهعليهوسلم ، أنه قال : « ما
من أحد تصيبه مصيبة فيقول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم : أجرني في مصيبتي ،
وأخلف لي خيرا منها ـ إلا آجره [١]
الله في مصيبته ، وأخلف له خيرا منها [٢]
».
وهذه الكلمة من أبلغ علاج المصاب ، وأنفعه
له في عاجلته وآجلته. فإنها تتضمن أصلين عظيمين ـ إذا تحقق العبد بمعرفتهما تسلى
عن مصيبته ـ ( أحدهما ) : أن العبد وأهله وماله ملك لله عز وجل حقيقة ، وقد جعله
عند العبد عارية. فإذا أخذه منه ، فهو كالمعير : يأخذ متاعه من المستعير. وأيضا : فإنه
محفوف بعدمين : عدم قبله ، وعدم بعده. وملك العبد له متعة [٣] معارة في زمن يسير. وأيضا : فإنه ليس
هو [٤] الذي أوجده
عن عدمه ، حتى يكون ملكه حقيقة ، ولا هو الذي يحفظه من الآفات بعد وجوده ، ولا
يبقى عليه وجوده. فليس له فيه تأثير ولا ملك حقيقي. وأيضا : فإنه متصرف فيه بالامر
، تصرف العبد المأمور المنهى ، لا تصرف الملاك. ولهذا لا يباح له من التصرفات فيه
، إلا ما وافق أمر مالكه الحقيقي.
( والثاني ) : أن مصير العبد ومرجعه إلى
الله مولاه الحق ، ولا بد أن يخلف الدنيا [٥]
[١] بالزاد ١٢٥ :
أجاره وهو صحيح إن ثبتت رواية « أجرني » بكسر الجيم. وانظر : مسند أحمد ٦ / ٣١٧ ،
والنهاية ١ / ١٧ ، واللسان ٥ / ٦٥ والمختار : ( أجر ).