responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية    الجزء : 1  صفحة : 145

فصل في هديه صلى‌الله‌عليه‌وسلم في رقية القرحة والجرح

أخرجا في الصحيحين عن عائشة ، قالت : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، إذا اشتكى الانسان أو كانت به قرحة أو جرح ، قال [١] بإصبعه هكذا ( ووضع سفيان سبابته بالأرض ثم رفعها ) ، وقال : باسم الله تربة أرضنا ، بريقة بعضنا ، ليشفى سقيمنا ، بإذن ربنا [٢] ».

هذا من العلاج السهل الميسر النافع المركب ، وهى معالجة لطيفة يعالج بها القروح والجراحات الطرية ، لا سيما عند عدم غيرها من الأدوية. إذ كانت موجودة بكل أرض. وقد علم : أن طبيعة التراب الخالص باردة يابسة ، مجففة لرطوبات القروح والجراحات ، التي تمنع الطبيعة من جودة فعلها ، وسرعة اندمالها ، لا سيما في البلاد الحارة ، وأصحاب الأمزجة الحارة. فإن القروح والجراحات يتبعها ـ في أكثر الامر ـ سوء مزاج حار ، فيجتمع حرارة البلد والمزاج والجراح. وطبيعة التراب الخالص باردة يابسة أشد من برودة جميع الأدوية المفردة الباردة ، فتقابل. برودة التراب حرارة المرض ، لا سيما إن كان التراب قد غسل وجفف. ويتبعها أيضا كثرة الرطوبات الرديئة والسيلان ، والتراب مجفف لها ، مزيل : لشدة يبسه وتجفيفه. للرطوبة الرديئة المانعة من برئها. ويحصل به ـ مع ذلك ـ تعديل مزاج العضو العليل. ومتى اعتدل مزاج العضو : قويت قواه المدبرة ، ودفعت عنه الألم بإذن الله.

ومعنى الحديث : أنه يأخذ من ريق نفسه على إصبعه السبابة ، ثم يضعها على التراب ، فيعلق بها منه شئ ، فيمسح به على الجرح ويقول هذا الكلام ، لما فيه : من بركة (ذكر) [٣] اسم الله ، وتفويض الامر إليه ، والتوكل عليه. فينضم أحد العلاجين إلى الآخر ، فيقوى التأثير.

وهل المراد بقوله : « تربة أرضنا » ، جميع الأرض؟ أو أرض المدينة خاصة؟ فيه قولان. ولا ريب أن من التربة ما تكون فيه خاصية ينفع بخاصيته من أدواء كثيرة ، ويشفى بها أسقاما رديئة. قال جالينوس : « رأيت بالإسكندرية مطحولين ومستسقين كثيرا ، يستعملون طين


[١] إن العرب تجعل القول عبارة عن جميع الأفعال ، كما في نهاية : ٣ / ٢٨٥.

[٢] وأخرجه أيضا أبو داود والنسائي وابن ماجة وأحمد اه‌ ق.

[٣] الزيادة عن الزاد ١٢٥.

( ١٠ ـ الطب النبوي )

اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية    الجزء : 1  صفحة : 145
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست