اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 121
ليبين لهم أن الله
سبحانه هو الذي يمرض ويشفى. ونهى عن القرب منه : ليتبين لهم أن هذه من الأسباب
التي جعلها الله مفضية إلى مسبباتها. ففي نهيه : إثبات الأسباب ، وفى فعله : بيان
أنها لا تستقل بشئ ، بل الرب سبحانه إن شاء سلبها قواها فلا تؤثر شيئا ، وإن شاء
أبقى عليها قواها فأثرت.
وقالت فرقة أخرى : بل هذه الأحاديث فيها
الناسخ والمنسوخ ، فينظر في تاريخها : فإن علم المتأخر منها حكم بأنه الناسخ ، وإلا
توقفنا فيها.
وقالت فرقة أخرى : بل بعضها محفوظ ، وبعضها
غير محفوظ. وتكلمت في حديث « لا عدوى » وقالت : قد كان أبو هريرة يرويه أولا ، ثم شك
فيه فتركه ، وراجعوه فيه وقالوا له : سمعناك تحدث ، فأبى أن يحدث به. قال أبو سلمة
: فلا أدرى أنسى أبو هريرة؟ أم نسخ أحد الحديثين الآخر؟. وأما حديث جابر : « أن
النبي صلىاللهعليهوسلم
أخذ بيد مجذوم ، فأدخلها معه في القصعة » ، فحديث لا يثبت ولا يصح ، وغاية ما قال فيه
الترمذي : أنه غريب لم يصححه ، ولم يحسنه. وقد قال شعبة وغيره : اتقوا هذه الغرائب.
قال الترمذي : ويروى هذا من فعل عمر ، وهو أثبت. فهذا شأن هذين الحديثين اللذين
عورض بهما أحاديث النهى ـ : أحدهما رجع أبو هريرة عن التحديث به وأنكره ، والثاني
لا يصح عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
والله أعلم وقد أشبعنا الكلام في هذه المسألة ، في كتاب المفتاح [١] ، بأطول من هذا. وبالله التوفيق.
فصل في هديه صلىاللهعليهوسلم
في المنع من؟؟ التداوي بالمحرمات
روى أبو داود في سننه ـ من حديث أبي
الدرداء ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم
: « إن الله أنزل الداء والدواء ، وجعل لكل (داء) [٢] دواء. فتداووا ولا تداووا بالمحرم » [٣].
[١] ص ٥٨٩ ـ ٥٩٠ ،
٦٠٢ ـ ٦٠٧ ، ٦١٣ ـ ٦٢٠ ، ٦٢٢ ط ثانية.