اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 107
وهذا من تمام حكمة الرب عز وجل ، وتمام
ربوبيته ، فإنه كما ابتلى عباده بالأدواء ، أعانهم عليها بما يسره لهم : من
الأدوية. وكما ابتلاهم بالذنوب. أعانهم عليها بالتوبة ، والحسنات الماحية ، والمصائب
المكفرة. وكما ابتلاهم بالأرواح الخبيثة ـ : من الشياطين. ـ أعانهم عليها بجند من
الأرواح الطيبة ، وهم : الملائكة. وكما ابتلاهم بالشهوات ، أعانهم على قضائها بما
يسره لهم شرعا وقدرا : من المشتهيات اللذيذة النافعة. فما ابتلاهم سبحانه بشئ ، إلا
أعطاهم ما يستعينون به على ذلك البلاء ، ويدفعونه به. ويبقى التفاوت بينهم : في
العلم بذلك ، والعلم بطريق حصوله ، والتوصل إليه. وبالله المستعان.
فصل في هديه صلىاللهعليهوسلم
في تضمين من طب الناس
وهو جاهل بالطب
روى أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجة ـ من
حديث عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : « ـ من تطبب ـ ولم
يعلم منه الطب قبل ذلك ـ : فهو ضامن » [١].
هذا الحديث يتعلق به ثلاثة أمور : أمر
لغوى ، وأمر فقهي ، وأمر طبي.
فأما اللغوي ، فالطب ( بكسر الطاء ) في
لغة العرب ، يقال على معان ( منها ) : الاصلاح. يقال : طببته ، إذا أصلحته. ويقال
: له طب بالأمور ، أي : لطف وسياسة [٢].
قال الشاعر :
وإذا تغير من تميم أمرها :
كنت الطبيب لها برأي ثاقب
( ومنها ) : الحذق. قال الجوهري : كل حاذق طبيب عند العرب. قال أبو
عبيد : أصل الطب : الحذق بالأشياء ، والمهارة بها. يقال للرجل : طب وطبيب ، إذا
كان كذلك ،