اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 106
يا رسول الله؟! قال
: نعم ، إن الله عز وجل لم ينزل داء ، إلا أنزل له دواء » [١]
وفى الصحيحين ـ من حديث أبي هريرة ، يرفعه ـ : « ما أنزل الله من داء ، إلا أنزل له
شفاء »
وقد تقدم هذا الحديث وغيره.
واختلف في معنى إنزال الداء والدواء ، فقالت
طائفة : إنزاله إعلام العباد به. وليس بشيء. فإن النبي صلىاللهعليهوسلم أخبر بعموم الانزال
لكل داء ودوائه ، وأكثر الخلق لا يعلمون ذلك. ولهذا قال : « علمه من علمه ، وجهله
من جهله ».
وقالت طائفة : إنزالهما خلقهما ووضعهما
في الأرض ، كما في الحديث الاخر : « إن الله لم يضع داء ، إلا وضع له دواء » وهذا ـ وإن كان
أقرب من الذي قبله ـ فلفظة « الانزال » أخص
من لفظة « الخلق »
و « الوضع ». فلا ينبغي إسقاط خصوصية اللفظة ، بلا موجب.
وقالت طائفة : إنزالهما بواسطة الملائكة
الموكلين بمباشرة الخلق : من داء ودواء ، وغير ذلك. فإن الملائكة موكلة بأمر هذا
العالم ، وأمر النوع الإنساني ـ من حين سقوطه في رحم أمه إلى حين موته. فإنزال
الداء والدواء مع الملائكة. وهذا أقرب من الوجهين قبله.
وقالت طائفة : إن عامة الأدواء والأدوية
هي بواسطة إنزال الغيث من السماء الذي تتولد به الأغذية والأقوات ، والأدوية
والأدواء ، وآلات ذلك كله ، وأسبابه ومكملاته ، وما كان منها من المعادن العلوية :
فهي تنزل من الجبال ، وما كان منها ـ من الأدوية [٢] والأنهار والثمار ـ فداخل في اللفظ على
طريق التغليب والاكتفاء عن الفعلين بفعل واحد يتضمنها. وهو معروف من لغة العرب بل
وغيرها من الأمم. كقول الشاعر :