وهذه الهيبة التي
أحسّها هشام يوم كان جهميّا كان يحسّها يوم كان إماميّا وكانت بين هشام وبين عمرو
بن عبيد مناظرة في الإمامة ، وقد قصد هشام عمروا الى البصرة ، فسأله الإمام عمّا
كان بينهما ليحكي له ما كان ، فقال هشام : يا ابن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إني أجلّك
وأستحييك ولا يعمل لساني بين يديك [٢].
وهذا ابن أبي
العوجاء مع إلحاده كان أحيانا يحجم عن مناظرة الصادق عليهالسلام لتلك الهيبة ، فإنه حضر يوما لمناظرة الصادق ولكنه بعد أن
جلس سكت ، فقال له الصادق : فما يمنعك من الكلام؟ قال : إجلال لك ومهابة ، ما ينطق
لساني بين يديك ، فإني شاهدت العلماء ، وناظرت المتكلّمين فما تداخلني هيبة قط
مثلما تداخلني من هيبتك [٣].
على أن الصادق عليهالسلام كان بين أصحابه
وجلسائه كواحد منهم لا يتظاهر بالعظمة وحشمة الإمامة ، وينبسط لهم بالكلام ، ويجلس
معهم على المائدة ، ويؤنسهم بالحديث ، ويحثّهم على زيادة الأكل ، لئلاّ تمنعهم
الهيبة من الانبساط على المائدة واكل ما يشتهونه ، غير أن تلك الهيبة التي كانت
شعاره من الهيبة الذاتيّة التي تمنع العيون من ملاحظته والألسنة من الانطلاق بين
يديه ولم يكن محاطا بخدم ولا حجاب.