اسم الکتاب : طالب العلم والسيرة الأخلاقية المؤلف : العلوي، السيد عادل الجزء : 1 صفحة : 22
وغيرها في تشخيص
الحسن والقبيح يقع الاختلاف والخلاف بينهم في آداب الأفعال وحسنها وقبحها.
فربما كان عند قوم من الآداب ما لا
يعرفه آخرون ، وربما كان بعض الآداب المستحسنة عند قوم شنيعة مذمومة عند آخرين ،
كتحيّة أوّل اللقاء ، فإنّه في الإسلام بالتسليم تحيّة من عند الله مباركة طيّبة ،
وعند قوم برفع القلانس ، وعند بعض برفع اليد حيال الرأس ، وعند آخرين بانحناء
وطأطأة رأس ، وكما أنّ في آداب ملاقاة النساء عند الغربيّين اُموراً يذمّها
الإسلام وينكرها ، إلى غير ذلك.
غير أنّ هذه الاختلافات إنّما نشأت في
مرحلة تشخيص المصداق ، وأمّا أصل معنى الأدب ، وهو الهيئة الحسنة التي ينبغي أن
يكون عليها الفعل ، فهو ممّـا أطبق العقلاء من بني آدم ، وأجمعوا على تحسينه فلا
يختلف فيه اثنان.
وليست الآداب هي عين الأخلاق ، فإنّ
الأخلاق بمعنى الملكات الراسخة في النفوس ، ولكنّ الآداب هيئات حسنة مختلفة تتلبّس
بها الأعمال الصادرة عن الإنسان عن صفات مختلفة نفسيّة ، فبين المعنيين بون بعيد.
إنّما الآداب من منشآت الأخلاق ،
والأخلاق من مقتضيات المجتمع بخصوصه بحسب غايته الخاصّة ، فالغاية المطلوبة
للإنسان في حياته هي التي تشخّص أدبه في أعماله ، وترسم لنفسه حظّاً لا يتعدّاه
إذا أتى بعمل في مسير حياته والتقرّب من غايته.
وإذا كان الأدب يتبع في خصوصيّته الغاية
المطلوبة في الحياة ، فالأدب الإلهي الإسلامي ـ بالمعنى الأعمّ ـ الذي أدّب الله
سبحانه به أنبيائه ورسله وأوصيائهم (عليهم السلام) ، ومن ثمّ ورثة الأنبياء
العلماء الصالحين ، هو الهيئة الحسنة في الأعمال الدينيّة التي تحاكي غرض الدين
وغايته وهي السعادة الأبديّة ـ سعادة
اسم الکتاب : طالب العلم والسيرة الأخلاقية المؤلف : العلوي، السيد عادل الجزء : 1 صفحة : 22