المكروه من تلاوة
أو زيارة أو قراءة دعاء أو غير ذلك من الأعمال الصالحة الّتي لا تجامع العبادة
المكروهة في وقت واحد ، فالإرشاد إلى أقلّيّة الثواب في الحقيقة تنبيه للمكلّف على
ذلك ليكون على بصيرة من أمره ولا يفوت عنه ما هو الأصلح بحاله في العاجل أو الآجل
ممّا لا منقصة في ثوابه أو كان أكثر ثوابا وأعظم أجرا ، كما يكشف عن ذلك ورود
النهي عن صوم يوم عرفة إذا كان موجبا للضعف عن قراءة الدعاء.
نعم ربّما يتوجّه
إلى جعل المدار في الكراهة على أقلّيّة الثواب أنّ المنقصة اللازمة من الخصوصيّة
ليست مقصورة على ذلك ، لأنّها قد تكون مضرّة دنيويّة وقد تكون مضرّة أخرويّة ممّا
عدا تقليل الثواب المعدّ للعبادة من حيث هي ، وقد تكون تقليلا للثواب ، بل أكثر
مناهي الشرع تنزيها إنّما نهيت عنها لمضارّ دنيويّة من عروض نسيان أو حدوث فقر ،
أو إصابة مرض كالبرص أو الجذام أو نحو ذلك ، ومنه الطهارة بالماء المشمّس وقد علّل
كراهته بأنّه يوجب البرص ، فلا بدّ وأن يكون النواهي الواردة في العبادات المكروهة
إرشاديّة مقصودا بها إرشاد المكلّف إلى التخلّص عن المفسدة اللازمة للفعل الناشئة
عن الخصوصيّة بقول مطلق لا خصوص أقلّيّة الثواب ، ولعلّ [ هذا مراد ] من فسّر
مكروه العبادة بخلاف الاولى كما حكاه الشهيد الثاني في تمهيده عن بعض المتأخّرين
واستحسنه ، حيث إنّه بعد العبارة المتقدّمة عنه في بيان نقصان الثواب ، قال : «
وزاد بعض المتأخّرين أمرا سادسا سمّاه خلاف الأولى هربا من الأوّل » يعني النقض
بمكروه العبادة ، فقال : « وهو حسن نظرا إلى ذلك ».
ويمكن إرجاع ما
ذكره في المسالك إلى ذلك أيضا بناء على أن يكون تفريع نقصان الثواب عليه مثالا.
وعليه فيمكن حمل
كلام من ذكر أقلّيّة الثواب فقط على إرادة المثال ، فكراهة العبادة يعني بها كونها
خلاف الأولى لاشتمالها على المنقصة اللازمة للخصوصيّة الغير المنافية لمصلحة ذات
العبادة فيستحقّ المكلّف بإتيانها كلاّ من مصلحة الذات ومفسدة الخصوصيّة ما لم تكن
المنقصة مجرّد تقليل الثواب كما في الطهارة بالماء المشمّس حيث إنّه يستحقّ الثواب
، المعدّ للطهارة في دار الآخرة ويستحقّ مع ذلك إصابة البرص في دار الدنيا.
وقد يكون المنقصة
اللازمة من الخصوصيّة عنوانا آخر يكرهه الشارع لما فيها من منقصة العبادة مقترنا
بها أو غير مقترن وقد تعلّق غرض الشارع بالتخلّص عنه فكونه خلاف الاولى لأجل هذا
الاعتبار ، ومن ذلك التخلّص عن التشبّه ببني أميّة في صوم