وجود مفسدة في فعل
الجميع كما يكشف عنه النهي عن الجمع بين الاختين في النكاح ، وهذا عند التحقيق
يؤول إلى التخيير في النهي فيجوز اجتماعه مع الأمر التخييري حسبما شرحناه.
ومنها
: الأمر التخييري
مع النهي التعييني ، وهما ممّا لا ينبغي التأمّل في امتناع اجتماعهما بل لا أظنّ
خلافا في ذلك ، فإنّ قضيّة التخيير اشتمال كلّ من المعادلات على المصلحة الراجحة
الباعثة على الإيجاب تخييرا مصلحة يكتفي في تأديتها بإيجاد كلّ واحد منها اتّفق ،
ومرجعه إلى ما أشرنا إليه في الصورة السابقة من تساوي الأفراد في المصلحة.
وقضيّة التحريم
التعييني اشتمال المحلّ على مفسدة تامّة داعية إلى المنع منه بعينه ، فلو وقع مع
ذلك أحد المعادلات من الواجب التخييري لزم اشتماله على المصلحة والمفسدة معا ـ إن
اعتبر فيه مع مفسدة الحرمة مصلحة الوجوب ـ وهو مستحيل ، وإلاّ كان يقبح أخذه طرفا
للتخيير المنوط بتساوي الأفراد في المصلحة ، مع أنّه يفضي إلى التكليف بالمحال ،
لأنّ قضيّة النهي المنع منه على كلا تقديري حصول سائر معادلاته وعدم حصوله ،
وقضيّة توجّه الأمر التخييري إليه طلبه حتما على تقدير عدم حصول سائر المعادلات ،
والخروج عن عهدة التكليفين على تقدير اختيار هذا الفرد محال ، بل هو بنفسه تكليف
محال ضرورة مناقضة الإرادة على أحد التقديرين للكراهة على كلا التقديرين.
ومنها
: الأمر التعييني
مع النهي التخييري ، وهذان أيضا ممّا لا يظنّ بأحد تجويز اجتماعهما ، بل الحكم فيه
أظهر منه في سائره لا لعدم صحّة التخيير في النهي لما عرفت من عدم مانع منه في
التخيير الشرعي ، بل لأنّ الأمر على جهة التعيين يقتضي المنع من تركه على كلّ
تقدير والنهي عنه تخييرا يستدعي طلب تركه حتما على أحد التقديرين ، وهذا مع أنّه
تكليف بالمحال تكليف محال.
لا
يقال : محلّ البحث في
اجتماع الأمر والنهي ما كان للمكلّف مندوحة في الامتثال ، والمندوحة حاصلة نظرا
إلى تمكّن المكلّف عن امتثال النهي باختيار ترك هذا الفرد.
لأنّا نقول : هل
يجوز له اختيار هذا الفرد أيضا وهو مرخّص فيه أو لا؟ والاوّل التزام بالمحذور ،
لأنّ المكلّف إذا اختار هذا الفرد امتثالا للنهي فليس ذلك من سوء اختياره ومع ذلك
لا يمكن فعله لأجل امتثال الأمر ، فلو كان الامتثال باقيا والحال هذه كان يجب عليه
الخروج عن عهدة ما استحال عليه ، والثاني خروج من مسألة التخيير والكلام على
تقديره.