بأنّه
لو لم يكن نفسه ، لكان إمّا مثله ، أو ضدّه ، أو خلافه * ، واللاّزم بأقسامه باطل.
بيان
الملازمة : أنّ كلّ متغايرين إمّا أن يكونا متساويين في الصفات النفسيّة ، أو لا ـ
والمراد بالصفات النفسيّة : ما لا يفتقر اتّصاف الذات بها إلى تعقّل أمر زائد ،
كالإنسانيّة للإنسان. وتقابلها المعنويّة المفتقرة إلى تعقّل أمر زائد ، كالحدوث
والتحيّز له ـ فإن تساويا فيها ؛ فمثلان ، كسوادين وبياضين.
وإلاّ
، فإمّا أن يتنافيا بأنفسهما ، بأن يمتنع اجتماعهما في محلّ واحد بالنظر إلى
فلو قيل : الإنشاء
واحد وله إضافة إلى فعل المأمور به وإضافة إلى ترك ضدّه فبالاعتبار الأوّل يصير
أمرا وبالاعتبار الثاني يصير نهيا.
قلنا : مع قضاء
الوجدان بتعدّد الطلب لتعدّد محلّه ولوازمه كيف يصير إنشاؤه واحدا.
ولو اريد به ما
يرجع إلى المكلّف ، ففيه : أنّ فعل المأمور به مع ترك ضدّه لكونهما متلازمين لهما
وجودان متغايران ، فيوجب طلب كلّ منهما اشتغالا في ذمّة المكلّف ، ومعه كيف يقال :
بأنّ ما يرجع إليه واحد.
ولو اريد به ما
يرجع إلى المكلّف به ، بدعوى : أنّ المأمور به والمنهيّ عن ضدّه متصادقان على شيء
واحد ، لصحّة أن يقال : إنّه مأمور به ومنهيّ عن ضدّه.
ففيه : مع كونه
خروجا عن المتنازع فيه من حيث إنّ كلامهم على ما عرفت إنّما هو في الأمر والنهي
على معناهما المصدري المبنيّ للفاعل ، أنّ الوصفين وإن كان يصحّ رجوعهما بحسب
التركيب النحوي إلى المأمور به غير أنّ النزاع ليس في أمر لفظي ، ولا ريب أنّهما
بحسب المعنى متغايران لتغاير ما يسندان إليه بعنوان الحقيقة ، فلذا يعبّر عن
الأوّل بالوصف بحال الموصوف وعن الثاني بالوصف بحال متعلّق الموصوف [١].
* وأجود تقارير
هذا الدليل ما في شرح الشرح من أنّه لو لم يكن عينه لكان إمّا ضدّا له أو مثلا له
أو خلافا له ، والتالي باطل.
[١] قيل الصفات
النفسانيّة ما لا يفتقر اتّصاف الذات بها إلى تعقّل أمر زائد عليها كالإنسانيّة
للإنسان ، ويقابلها المعنويّة وهي ما يفتقر اتّصاف الذات بها إلى تعقّل أمر زائد
عليها كالحدوث والتحيّز والشرط. ( منه عفي عنه ).