وليس
كما توهّم ، لأنّ الاستعمال في القدر المشترك ، إن وقع ، فعلى غاية الندرة والشذوذ
، فأين هو من اشتهار الاستعمال في كلّ من المعنيين وانتشاره.
وإذا
ثبت أنّ التجوّز اللازم على التقدير الأوّل أقلّ ، كان بالترجيح ـ لو لم يقم عليه
الدليل ـ أحقّ.
نسبتهما اليهما
على تقدير وضعه للقدر المشترك حقيقة واستعمل في كلّ واحد من الوجوب والندب مجازا.
والجواب : ما أشار
إليه من أنّ الاستعمال في القدر المشترك إن وقع فعلى غاية الندرة والشذوذ.
وتوضيحه : ما نقل
عنه في الحاشية من بعد الوقوع ، حيث أنّ الطالب للشيء إذا لم يكن غافلا عن تركه
فإمّا أن لا يريد المنع منه أو يريده ، والأوّل هو الندب والثاني هو الوجوب ،
وإنّما يتصوّر إرادة الطلب المجرّد عند الغفلة عن الترك ، وحيث إنّ العمدة في
مباحث « الأمر » على أوامر الشارع ففرض الاستعمال في القدر المشترك غير معقول ،
وربّما يعزى إليه إنّه عقّبه بقوله : « فتأمّل ».
فقيل في وجهه :
إنّه فرق بين إرادة المنع وعدمه في الضمير ، وبين إرادة إفادته من اللفظ ، واللازم
لغير الغافل هو الأوّل وملزوم الاستعمال هو الثاني ، والاشتباه إنّما من الخلط بين
الإرادتين.
وأورد عليه بعض
الأفاضل : بأنّ المنشئ للطلب إنّما ينشئ الطلب الخاصّ الواقع منه بالصيغة الخاصّة
، فإنشاؤه الوجوب أو الندب إنّما يكون بالصيغة المذكورة ، إذ مجرّد الإرادة
النفسيّة لا تقضي بإنشاء المعنى في الخارج.
كيف ومن البيّن
أنّ الطالب للشيء إنّما يوقع طلبه غالبا على أحد الوجهين إلاّ أن يكون غافلا ،
فالطلب الخاصّ مراد من اللفظ قطعا.
أقول : وكأنّ ما
أفاده الفاضل الشيرواني راجع إلى ما قرّرناه من كون الحتميّة وخلافها على القول
بالوضع للقدر المشترك من لوازم الطلب بحسب وجوده ، فلا يلزم من دخولهما في الإرادة
دخولهما في الوضع ، فلا يتوجّه إليه حينئذ ما تصدّى بإيراده الفاضل المشار إليه
كما لا يخفى.