احتجّ
السيّد المرتضى رضى الله عنه على أنّها مشتركة لغة بأنّه لا شبهة في استعمال صيغة
الأمر في الايجاب والندب معا في اللغة ، والتعارف ، والقرآن ، والسنّة ، وظاهر
الاستعمال يقتضي الحقيقة * ، وإنّما يعدل عنها بدليل.
قال
: « وما استعمال اللفظة الواحدة في الشيئين أو الأشياء إلاّ كاستعمالها في الشيء
الواحد في الدلالة على الحقيقة ».
واحتجّ
على كونها حقيقة في الوجوب بالنسبة إلى العرف الشرعيّ ** :
* وقد ظهر في غير
واحد من مواضع الجزء الأوّل من الكتاب وفي بعض مواضع هذا الجزء أيضا تزييف هذا
الاحتجاج ، فإنّ الاستعمال من الحقيقة إذا كان بمنزلة الجنس أو الفصل ـ الّذي هو
أيضا في معنى الجنس في العموم ـ فالضرورة قاضية بعدم صلوحه دليلا عليها بخصوصها ،
كيف وقضيّة قولهم : « العامّ لا يدلّ على الخاصّ » قد صارت من القضايا الّتي
قياساتها معها.
نعم لو انضمّ إليه
غيره ممّا أوجب القطع بالمطلوب أو الظنّ المعتبر به في المقام ـ ممّا تقدّم تفصيل
ذكره في محلّه ـ لا منع عن المصير إليه حينئذ ، والمقام ليس منه كيف والأدلّة قد
انتهضت على اختصاصها بالوجوب ، فلا يبقى تعويل على الاستعمال لو قلنا به.
فمن هنا تبيّن ما
في قوله : « وما استعمال اللفظة الواحدة في الشيئين أو الأشياء إلاّ كاستعمالها في
الشيء الواحد في الدلالة على الحقيقة » فإنّ الدلالة على الحقيقة في الشيء الواحد
ليست هو الاستعمال ليتمّ القياس ـ كما تقدّم في محلّه أيضا ـ مضافا إلى وضوح الفرق
بين المقامين بكون منع الحقيقة في أحدهما يستلزم المجاز بلا حقيقة دون الآخر.
** واعلم أنّ
إطلاق هذه النسبة في كلام الجماعة يقضي بأنّه يجعل عرف الشرع في الصيغة مقابلا
للّغة ، نظير ما هو الحال في المخترعات الشرعيّة على القول بثبوت الحقيقة الشرعيّة
، وهو وإن كان يساعده احتجاجه لحمل الصحابة كلّ أمر ورد في القرآن والسنّة على
الوجوب ، التفاتا إلى احتمال كونه احتجاجا بفهمهم والتبادر الثابت لديهم الكاشف
عمّا أوجبه على هذه الدعوى ، ولكنّه لا يلائمه عدّة امور في كلامه المنقول هاهنا ،
قاضية بكونه بصدد إقامة قرينة معيّنة على إرادة الوجوب خاصّة عن الأوامر الواردة
في الشريعة مع بقائه على ما هي عليه بحسب اللغة.