وربّما
توهّم تساويهما * ، باعتبار أنّ استعماله في القدر المشترك على الأوّل مجاز ،
فيكون مقابلا لاستعماله في المعنى الآخر على الثاني ، فيتساويان.
النظر عن قيوده الّتي
هي فصول لأنواعه ، فيندرج تحته بهذا الاعتبار أنواع ، وهي الطلبات القائمة بأنفس
الطالبين شأنا ، فهذه هي الخصوصيّات الّتي تعلّق الوضع بها على تقدير صحّة القول
بالوضع للطلب ، ولا شبهة في كون كلّ من تلك الخصوصيّات بالنظر إلى الاتّصاف
بالحتميّة وعدمها ذا وجهين ، فيكون كلّيّا بالنسبة إليهما قدرا مشتركا بينهما.
وقضيّة ذلك خروج
الاستعمال عند إرادة كلّ من الخصوصيّتين مجازيّا لخروجها عن الموضوع له جزما ، فلا
تدافع ولا اعتراض كما لا يخفى [١].
لا يقال : كيف
يفرض الطلب عن كلّ طالب كلّيّا مع أنّه في الواقع غير منفكّ عن إحدى الخصوصيّتين ،
لأنّه ـ مع أنّه يصحّ فرضه ، بل وقوعه من الغافل ـ غير قادح في ذلك ، لكون كلّ
منهما حينئذ من لوازم الوجود الخارجي فلا يلزم كونها معتبرة فيما تعلّق به الوضع ،
كما في سائر الماهيّات الّتي لها لوازم بحسب وجودها الخارجي وليست بداخلة فيها باعتبار
عروض الوضع لها.
نعم يبقى الإشكال
في أنّ الطلب ـ بناء على التحقيق السابق من كونه في الأفعال الطلبيّة حالة في
الغير وآلة لملاحظته ـ تابع للنسبة ، وهي في كونها موضوعة لها لا كلّيّة لها جزما
فكيف يعقل الكليّة في تابعها.
ولكن يدفعه : إنّه
إنّما يتوجّه لو كان حالة في النسبة وليس كذلك ، بل هو حالة في الحدث المنسوب ،
كما أنّ النسبة حالة فيه ، فإنّ هيئة « افعل » إنّما وضعت لنسبة الحدث إلى فاعل
معيّن من حيث كونه مطلوبا للمتكلّم ، بمعنى أنّ الموضوع له نسبة الحدث المطلوب
للمتكلّم إلى فاعله ، كما أنّ هيئة « فعل » موضوعة لنسبة الحدث من حيث وقوعه في
الزمن الماضي إلى فاعله فيكون تابعا للحدث ، فلا ينافيه كونه كلّيّا بالضرورة.
* وملخّص ذلك :
أنّه على تقدير كون « الأمر » حقيقة في الوجوب مجازا في الندب لو اتّفق استعماله
شرعا في القدر المشترك كان مجازا ، فيحصل معنيان مجازيّان تساوى
[١] إشارة إلى
اندفاع الإيراد المذكور بما حقّقناه ، كاندفاع التنافي المتوهّم عن كلامه والتدافع
الموهوم عن كلام المستدلّ على تقديريه. ( منه ).