المعدود والأجل المحدود ، فلا يصل إليهم منه شيء من الضرر ، ولا يتعقبه
المحذور والخطر؟ فربما امتنعوا منه ظاهرا ، وربما احتجبوا منه باطنا ، وربما دعوا
الله سبحانه في رفعه فيرفعه عنهم ؛ وذلك لما علموا أنه غير مراد له سبحانه في حقهم
ولا مقدر لهم.
وبالجملة ،
فإنهم ـ صلوات الله عليهم ـ يدورون مدار ما علموه من الأقضية والأقدار ، وما
اختاره لهم القادر المختار. ولا بأس بإيراد بعض الأخبار الواردة في هذا المضمار ،
ليندفع بها الاستبعاد ، ويثبت بها المطلوب والمراد ، فمن ذلك ما رواه ثقة الإسلام
ـ عطر الله مرقده ـ في (الكافي) بسنده عن الحسن بن الجهم ، قال : قلت للرضا عليهالسلام : إن أمير المؤمنين عليهالسلام قد عرف قاتله ، والليلة التي يقتل فيها ، والموضع الذي
يقتل فيه ، وقوله لما سمع صياح الإوز : «صوائح تتبعها نوائح» وقول أم كلثوم : لو صليت الليلة داخل الدار ، وأمرت
غيرك يصلي بالناس. فأبى عليها وكثر دخوله وخروجه تلك الليلة بلا سلاح ، وقد عرف عليهالسلام أن ابن ملجم ـ لعنه الله ـ قاتله بالسيف ، وكان هذا مما
لم يجز تعرضه ، فقال عليهالسلام : «ذلك
كان ، ولكنه خيّر تلك الليلة لتمضي مقادير الله تعالى»[١].
وحاصل سؤال
السائل المذكور : أنه مع علمه عليهالسلام بوقوع القتل ، فلا يجوز له أن يعرض نفسه [له] ؛ لأنه من
قبيل الإلقاء باليد إلى التهلكة الذي حرمه الشارع ، فأجاب عليهالسلام بما هذا تفصيله وبيانه من أنه وإن كان الأمر كما ذكرت
من علمه عليهالسلام بذلك ، لكنه ليس من قبيله الإلقاء باليد إلى التهلكة ،
الذي هو محرّم ؛ لأنه عليهالسلام خيّر في تلك الليلة بين لقاء الله تعالى على تلك الحال
أو البقاء في الدنيا ، فاختار عليهالسلام اللقاء على الوجه المذكور ؛ حيث علم أنه مختار ومرضيّ
له عند ذي الجلال ، كما
[١] الكافي ١ : ٢٥٩
/ ٤ ، باب أن الأئمَّة عليهمالسلام
يعلمون متى يموتون ...