أمره ورضاه فهو حلال ، وما خالفهما [فهو] [١] حرام ، وليس
للعقل ـ فضلا عن الوهم ـ مسرح في ذلك المقام.
وثانيا
: أن مجرد
الإلقاء باليد إلى التهلكة على إطلاقه غير محرم وإن أشعر ظاهر الآية بذلك ، إلّا
إنه يجب تقييده وتخصيصه بما قام الدليل على جوازه ، وذلك فإن الجهاد متضمّن
للإلقاء باليد إلى التهلكة مع أنه واجب نصا [٢] وإجماعا ، وكذلك الدفاع عن النفس والأهل والمال. ومثله
أيضا وجوب الإعطاء باليد إلى القصاص وإقامة الحد عليه متى استوجبه.
وثالثا
: أنهم ـ صلوات
الله عليهم ـ في جميع أحوالهم وما يتعلق بمبدئهم وحالهم يجرون على ما اختارته لهم
الأقدار السبحانية ورضيته لهم الاقضية الربانية ، فكل ما علموا أنه مختار لهم [٣] تعالى بالنسبة
إليهم وإن اشتمل على غاية الضرر والبؤس ترشفوه ولو ببذل المهج والنفوس.
إذا تقررت [٤] هذه المقدمات
الثلاث ، فنقول : إن رضاهم ـ صلوات الله عليهم ـ بما ينزل بهم من القتل بالسيف
والسم ، وكذا ما يقع بهم من الهوان على أيدي أعدائهم والظلم مع كونهم عالمين به
وقادرين على دفعه ، إنما هو لما علموه من كونه مرضيا له سبحانه وتعالى ، ومختارا
له بالنسبة إليهم ، وموجبا للقرب من حضرة قدسه والجلوس على بساط انسه.
وحينئذ ، فلا
يكون من قبيل الإلقاء باليد الّذي حرمته الآية ؛ إذ هو ما اقترن بالنهي من الشارع
نهي تحريم ، وهذا مما علم رضاه به واختياره له فهو على النقيض من ذلك ، ألا ترى
أنه ربما نزل بهم شيء من تلك المحذورات قبل الوقت