وأما
ثانيا ، فلأن مجرد
الاستعانة لا قبح فيه ـ كما ادّعاه رحمهالله ـ ولا يستلزم ما ذكره من الأخذ بأمر نائب الرسول كما لا
يخفى.
والظاهر أيضا
قصر الحكم على ما لو كان المتداعيان من الشيعة ، فلو كان من عليه الحق مخالفا فلا
يبعد جواز التوصّل إلى أخذ الحق منه بقضاتهم. وأخبار المسألة لا تأباه ؛ لاختصاص
المنع فيها بالصورة الاولى ، كقوله في الرواية المذكورة من أصحابنا ، وفي روايتي
أبي خديجة الآتيتين : «إياكم». وفي رواية أبي بصير الاولى [١] : «أخ له» وإن كانت الثانية مطلقة ، فتحمل على ذلك. وإلى ذلك يشير
: «عاملوهم
بما عاملوا به أنفسهم».
إلّا إنه قد
ورد في صحيحة علي بن مهزيار عن علي بن محمد عليهماالسلام[٢] : هل نأخذ في أحكام المخالفين ما يأخذون منا في أحكامهم؟
فكتب عليهالسلام : «يجوز
لكم ذلك إن شاء الله ، إذا كان مذهبكم فيه التقيّة منهم والمداراة لهم»[٣].
فإن الظاهر أن
المراد من السؤال المذكور : أنه هل يجوز لنا أن نأخذ حقوقنا بحكم قضاتهم ، كما
أنهم يأخذون منا حقوقهم بحكم قضاتنا؟ ولعل المراد من قوله عليهالسلام : «إذا
كان مذهبكم فيه التقية» ـ إلى آخره ـ : أنه يجوز لكم ذلك إذا كان رجوعكم إلى قضاتهم تقية ؛ لعدم
إمكان تحصيل الحقّ منهم بوجه آخر من المرافعة إلى حكام العدل أو الأخذ بنوع اخر ،
وخوف الضرر والفتنة بذلك ، ومداراة لهم بإظهار الرضا بقضاتهم ، وحل ما يقضون به.
[١] انظر : الكافي ٧
: ٤١١ / ٢ ، باب كراهية الارتفاع إلى قضاة الجور ، دعائم الإسلام ٢ : ٤٥١ / ١٨٨٣ ،
وسائل الشيعة ٢٧ : ١١ ـ ١٢ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١ ، ح ٢.