وفيه ـ كما
تقدم في الدرة [٢] الموضوعة للبراءة [٣] الأصلية ـ أن أصالة العدم أيضا مشروطة بشروط منها ألّا
تكون مثبتة لحكم شرعي ، مع أنه أيضا معارض بأصالة عدم أسباب الموت [٤] حتف أنفه.
والتحقيق أن
الحكم بالنجاسة في الجلد المذكور ـ بناء على ما ذكروا من الاستصحاب غلط محض ؛ وذلك
أنه لا معنى للاستصحاب كما عرفت آنفا إلّا بثبوت الحكم بالدليل في وقت ، ثم إجرائه
في وقت ثان ؛ لعدم قيام دليل على نفي الحكم المذكور أوّلا [٥] في الوقت
الثاني ، مع بقاء الموضوع في الوقتين وعدم تغيره. فثبوت الحكم في الوقت الثاني فرع
[٦] على ثبوته في الوقت الأول ، وإلّا فكيف يمكن إثباته في الثاني مع عدم
ثبوته أولا. واستصحاب عدم المذبوحية في المسألة المذكورة لا يوجب الحكم بالنجاسة ؛
لأن النجاسة لم تكن ثابتة في الوقت الأول وهو وقت الحياة. ووجهه أن عدم المذبوحية
لازم لأمرين : أحدهما الحياة ، وثانيهما الموت حتف أنفه.
والموجب
للنجاسة ليس هو هذا اللازم من حيث هو ، بل ملزومه الثاني ، أعني الموت حتف أنفه.
فعدم المذبوحية اللازم للحياة مغاير لعدم المذبوحية اللازم للموت حتف أنفه ،
والمعلوم ثبوته في الزمن الأول هو الأول لا الثاني. وظاهر أنه غير باق في الوقت
الثاني.