ما لم يرد فيه نصّ وحلّيّة قول بغير علم ، بل ولأظن ؛ لأنّ الإباحة الأصليّة
ـ كما عرفت ـ قد ارتفعت بورود [١] الشريعة وتضمنها وقوع الأحكام على جميع الجزئيات وإن لم
تصل إلينا. والإباحة الشرعية موقوفة كغيرها من الأحكام على الدليل.
أجاب بعض فضلاء
متأخري المتأخرين بتخصيص التثليث في الأحكام ، واختصاص الشبهة بما تعارضت فيه
الأخبار ، قال [٢] : (فأما ما لم يرد فيه نصّ ، فليس من الشبهة في شيء ،
ثم إنه على تقدير شمول تلك الأخبار له ، وتسليم كونه شبهة يخرج بالأخبار الدالة
على أن «كل شيء
مطلق حتى يرد فيه نهي» ، ونحوه مما تقدم) انتهى.
والجواب أنّ الحديث المنقول في [٣] (الفقيه) [٤] في خطبة أمير المؤمنين عليهالسلام صريح في أنّ ما لم يرد فيه نص من [٥] بعض أفراد
الشبهة المشار إليها [٦] في تلك الأخبار ، حيث دل على أن الشارع : «سكت عن أشياء ، ولم
يسكت عنها نسيانا فلا تتكلفوها». ومن المعلوم أن ليس السكوت عنها إلّا باعتبار عدم
النصّ عليها أمرا أو نهيا ، ثم عقب ذلك بقوله : «حلال بين» إلى آخره.
وأما مقبولة
عمر بن حنظلة التي هي منشأ الشبهة عنده [٧] فيما ذكره [فهي] وإن دلّ صدرها باعتبار السؤال عمّا
تعارضت فيه الأخبار على ذلك. إلّا إن قوله عليهالسلام : «وإنما
الأمور ثلاثة» ـ إلى آخره ـ ممّا يدلّ على العموم ، فهو بمنزلة الضابط الكلّي والقاعدة
المطّردة ، كما دل على ذلك غيرها من الأخبار. على أن