وسيأتي [١] تحقيقه إن شاء
الله تعالى في بعض درر الكتاب [٢].
والمعنى الأوّل
الّذي ذكره هو ما ذكرنا من القسم الأوّل من قسمي البراءة الأصليّة ، والثاني وهو
الثاني مما ذكرناه من قسميها أيضا.
وكلامه قدسسره في كتاب (الاصول) يشعر بموافقته للمشهور حيث قال : (اعلم
أن الأصل خلوّ الذمّة عن الشواغل الشرعيّة ، فإذا ادّعى مدّع حكما شرعيّا جاز
لخصمه أن يتمسّك في انتفائه بالبراءة الأصلية [١] ، فيقول : لو كان ذلك الحكم ثابتا ، لكان عليه دلالة
شرعيّة ، لكن ليس كذلك فيجب نفيه. ولا يتم هذا الدليل ، إلّا ببيان مقدمتين :
الاولى
: أنه لا دلالة
عليه شرعا [٣] بأن نضبط طرق الاستدلالات الشرعيّة ، ونبين عدم دلالتها
عليه.
الثانية
: أن نبين أنه
لو كان هذا الحكم ثابتا ، لدلّت عليه إحدى تلك الدلائل ؛ لأنه لو لم يكن عليه
دلالة لزم التكليف [٤] [ب] ما لا طريق للمكلّف إلى العمل [٥] به ، وهو تكليف [بـ] ما لا يطاق.
[٣] والظاهر أن منه
أيضا الحكم بطهارة الآدمي بالغيبة ؛ فإن الأصل عدم التكليف بالفحص عن ذلك ؛ إذ
الحكم المذكور ممّا يعمّ به البلوى أيضا ؛ للقطع والجزم بعدم خلوّ الإنسان من
التلوّث بالنجاسة ، وأقلّه البول والغائط اللذين [١] لا ينفكّ [عنهما] [٢] أحد ، فلو لم يحكم بالطهارة فيه بمجرّد
الغيبة لامتنع الاعتناء بإمام الجماعة حتّى يسأل عنه ، والحكم باستصحاب النجاسة في
نفسه ليس حجّة عندنا.
وبالجملة ، مقدّمة الدليل على
ترتّب الطهارة على الفحص والسؤال دليل على العدم. منه رحمهالله ، (هامش «ح»).