وقد اختلف في
تفسير الوصف الشبهي حتّى قيل : لا يتحرّر في الشبه عبارة مستمرّة في صناعة الحدود [١].
فقيل : ما يوهم
المناسبة من حيث التفات الشرع إليه في بعض المحالّ وليس بمناسب [٢] ، والوصف الطردي ما لا يوهمها أيضا فيشبه الشبهيّ الطرديّ من حيث عدم
المناسبة ، ويتميّز عنه بأنّ الطردي وجوده كالعدم ، ويشبه المناسب من حيث التفات
الشرع ، ويتميّز عنه بأنّ للمناسب مناسبة عقليّة وإن لم يرد الشرع بها ، كالإسكار
للتحريم ، فإنّ كونه مزيلا للعقل وكونه مناسبا للمنع منه يحكم به العقل ولا يحتاج
إلى ورود الشرع به. وقد أشرنا إلى هذا التفسير ومثاله [٣].
وقيل : ما ناسب
الحكم بالتبع كالطهارة لاشتراط النيّة ، والطرد ما لم يناسبه أصلا كبناء القنطرة [٤] ، وبعبارة اخرى كان مستلزما لمناسب ، كالرائحة الفائحة المستلزمة للإسكار
الذي هو المناسب بذاته للتحريم.
ولا يخفى أنّ
القياس حينئذ نوع من قياس الدلالة ، وهو الجمع بين الأصل والفرع بما لا يناسب
الحكم لكن يستلزم المناسب. والطردي حينئذ ما ليس بمناسب ، ولا بمستلزم له.
وقيل : ما لا
يناسب الحكم لكن عرف بالنصّ تأثير جنسه القريب في الجنس القريب لذلك الحكم ، فمن
حيث إنّه لا يناسب يظنّ عدم اعتباره في ذلك الحكم ، ومن حيث علم تأثير جنسه القريب
ـ مع أنّ سائر الأوصاف ليس كذلك ـ يظنّ استناد الحكم إليه [٥].
[٤]ـ ٦ ) حكاها
الفخر الرازي في المحصول ٥ : ٢٠١ ـ ٢٠٥ ، والمطيعي في سلّم الوصول المطبوع مع
نهاية السؤل ٤ : ١٠٧ ـ ١١٢ ، والآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ٣ : ٣٢٧ ،
والأسنوي في نهاية السؤل ٤ : ١٠٦ ـ ١١٢.