لا خلاف بين
الخاصّة والعامّة في حجّيّة أصل الإجماع إلاّ ممّن شذّ [١]. وإنّما اختلف الفريقان في مدرك حجّيّته ، فالخاصّة على أنّه دخول المعصوم ،
والعامّة على أنّه الأدلّة السمعيّة والعقليّة [٢]. ومن العامّة من
لم يتنبّه لموضع الخلاف ، ونسب إلينا القول بعدم الحجّيّة [٣] ، وهو فرية.
ثمّ صدق حجّيّة
الإجماع عندنا ـ مع أنّ العبرة بقول المعصوم ـ وفائدة الخلاف في الحيثيّة يعلم بعد
ذلك [٤]. وكلامنا هنا مقصور على أنّ ما احتجّ به العامّة على
حجّيّة الإجماع من حيث هو هل يثبت مطلوبهم أم لا؟
فنقول : إنّهم
ذكروا لذلك وجوها :
منها : قوله تعالى
: ( وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ )[٥] الآية. أوعد على اتّباع غير سبيل المؤمنين ، فيكون حراما ؛
فيجب اتّباع سبيلهم ؛ إذ لا واسطة بينهما ، والإجماع سبيلهم [٦].
واعترض عليه بوجوه
كثيرة محرّرة في الاصول ، أكثرها ممّا يمكن دفعه بسهولة [٧] ، وذكره لا يجدي طائلا.
وما يصعب دفعه بل
لا يمكن : أنّ المتبادر من « سبيل المؤمنين » ما صاروا به مؤمنين وهو الإيمان ،
وغيره هو الكفر ؛ فإنّ المفهوم من قول القائل : « لا تتّبع غير سبيل الصالحين » هو
المنع من متابعة غير سبيلهم فيما صاروا به صالحين ، لا في كلّ شيء حتّى الأكل
[١] نسبه البصري إلى
النظّام في المعتمد ٢ : ٤ ، والغزالي في المستصفى : ١٣٧.
[٢] والمراد بها ما
يأتي بعد هذا من الآيات والروايات والوجوه العقليّة. وذكر المحقّق الحلّي في معارج
الاصول : ١٢٧ من الأدلّة العقليّة دليلين. معارج الاصول : ١٢٧.
[٣] منهم : الأنصاري
في فواتح الرحموت المطبوع مع المستصفى ٢ : ٢١٣ ، والفخر الرازي في المحصول ٤ : ٣٥.
[٦] راجع : الذريعة
إلى أصول الشريعة ٢ : ٦٠٧ ـ ٦٢٥ ، والمستصفى : ١٣٨ ، والإحكام في أصول الأحكام ١ :
٢٨٦ ، ومنتهى الوصول لابن الحاجب : ٥٣ و ٥٤ ، ونهاية السؤل ٣ : ٢٤٨.
[٧] راجع : الذريعة
إلى أصول الشريعة ٢ : ٦٠٧ ـ ٦٢٥ ، والمستصفى : ١٣٨ ، والإحكام في أصول الأحكام ١ :
٢٨٦ ، ومنتهى الوصول لابن الحاجب : ٥٣ و ٥٤ ، ونهاية السؤل ٣ : ٢٤٨.