أحدهما : أنّ « الأحكام » جمع معرّف باللام وهو يفيد العموم ،
فيلزم منه أن لا يصدق « المجتهد » إلاّ على من كان عالما بجميع الأحكام ، وهذا لا
يتمّ في حقّ أكثر المجتهدين ، بل جميعهم.
وأصحّ الأجوبة عنه
أنّ المراد بالعلم بالأحكام هو التهيّؤ القريب له ، وإطلاق العلم عليه شائع ،
سيّما في مباحث الفقه.
ولدفع هذا الإيراد
زاد بعضهم في التعريف « فعلا أو قوّة قريبة » [٢].
وثانيهما : أنّ الفقه غالبا من باب الظنّ ؛ لابتنائه على أخبار
الآحاد ، والإجماعات المنقولة ، والأدلّة الاصوليّة المفيدة للظنّ ، فكيف اطلق
عليه العلم؟!
وأصحّ الأجوبة عنه
أنّ المراد بالعلم معناه الأعمّ ، وهو ترجيح أحد الطرفين وإن لم يمنع من النقيض ،
وهذا الإطلاق في المباحث الفقهيّة شائع.
فائدة
اعلم أنّ
الاصوليّين أجمعوا على جواز العمل بظنّ المجتهد في نفس الأحكام وموضوعاتها ، وبعض الأخباريّين
على عدم جواز العمل به في الأوّل دون الثاني [٤] ، وبعضهم عليه
مطلقا [٥].
واستدلّ الأخباريّون
بالعمومات والإطلاقات الدالّة على المنع من الظنّ [٦].
ثمّ إنّهم لمّا
قالوا بعدم جواز العمل بالظنّ اضطرّوا إلى القول بوجوب تحصيل اليقين في
[٥] لم نقف عليه من
الأخباريّين. ونسبه البهبهاني إلى غير الأخباريّين في الفوائد الحائريّة : ١١٧ ،
الفائدة ٦.
[٦] هي الآيات
العامّة أو المطلقة الناهية عن العمل بالظنّ : منها قوله تعالى : (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي
مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) ، النجم (٥٣) : ٢٨ ؛ ومنها الآية ٣٦ من
الإسراء (١٧). راجع الفوائد المدنيّة : ١٨٥ و ١٨٦.