واحد ـ مع مشاركة
غيره له فيما صار سبب علمه [١] به كالمشاهدة ، أو السماع ، أو غيرهما ـ يكون كاذبا [٢]. ونسبوا خلافه على الإطلاق إلى الشيعة [٣] ، وهو فرية ؛
لأنّهم قالوا : إنّ الكذب مشروط بعدم حامل لهم على الكتمان ، فمع وجوده ـ كالتقيّة
والرغبة وأمثالهما ـ لا يحكم به. فإذا أخبر واحد بأنّ فيما بين الحرمين بلدة أوسع
منهما ، يحكم بكذبه ؛ لعدم تصوّر حامل على الكتمان لمن شاركه في سبب العلم. وإذا
أخبر واحد بأنّ زيدا قتل عمرا ، وكان المشاركون له في سبب العلم أقرباءه [٤] ، فلا يحكم بكذبه باعتبار كتمانهم [٥] ؛ لوجود الداعي.
ومن هذا القبيل
عدم تواتر النصوص الجليّة والخفيّة على خلافة عليّ عليهالسلام عند المخالفين لو كانوا صادقين ؛ لفتور الدواعي عن نقلها
رهبة ، أو رغبة.
ومن هذا القبيل
عدم اشتهار بعض الأحكام عن أئمّتنا عليهمالسلام مع كونها ممّا يعمّ به البلوى.
واعلم أنّه ربما
يتوهّم [٦] أنّ كثيرا من معجزات الأنبياء لم يتواتر ، مع كونه ممّا
يتوفّر الدواعي على نقله ، كانشقاق القمر ، وحنين الجذع ، وتسبيح الحصى ، وتكلّم
عيسى في المهد ؛ فإنّ النصارى لم ينقلوا كلامه فضلا عن أن يتواتر بينهم ، وكذا لم
يتواتر كثير من الأحكام الضروريّة مع مسّ الحاجة إليه ؛ والمثال ظاهر.
وتحقيق المقام على
وجه يندفع عنه أمثال هذه التوهّمات : أنّ توفّر الدواعي على النقل ممّا يقع فيه
الاختلاف والتشكيك بالنسبة إلى الامور ، فهو في بعضها فوق التمام ، وفي بعضها أقلّ
، وهكذا نتنزّل بالتدريج إلى العدم.
وكذا عدد
المطّلعين على مدلول الخبر ممّا يقع فيه التفاوت ؛ ففي مدلول بعض الأخبار يبلغ
عددهم حدّ التواتر ، وفي بعض آخر يكون أقلّ ، وهكذا يتنزّل إلى أن يصل إلى الواحد.